تمخّضت ندوة بعنوان « مكافحة العنف الاقتصادي المسلط على النساء بين الواقع والتشريع » نظمها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الجمعة، بالمنستير، عن جملة من التوصيات من أبرزها تطوير التشريعات التونسية في هذا المجال وتركيز آليات لتطبيقها.
وتعلقت أهمّ التوصيات بضرورة اتخاذ الدولة لإجراءات عملية وواضحة، والمرور إلى أجرأة كلّ التشريعات التي سنتها في قطاعات الفلاحة والنسيج والقطاعات غير المنظمة كالبرباشة وغيرها، وإقرار التضامن بين كلّ الأطراف المتداخلة لتغيير الأوضاع باعتبار أن المسألة ثقافية واجتماعية بالأساس ومازالت هناك قوى تعمل على كبح إنصاف النساء وتطوير واقع المرأة على المستوى الاقتصادي وخاصة تطوير العقلية الذكورية.
واقترح المشاركون التركيز على التربية الثقافية في التعليم وغيره من أجل إسناد قضية المساواة وتحويلها إلى مفهوم اجتماعي ذا مقبولية مهمّة جدّا لدى كلّ الأطراف الاجتماعية ولخلق بيئة قادرة على تغيير الواقع الذي يكرس العنف المسلط على المرأة بجميع أشكاله وخاصة في الواقع الاقتصادي.
ودعوا إلى التسريع بإيجاد الآليات الكفيلة بضمان حق التغطية الاجتماعية للمرأة العاملة في القطاع الفلاحي، وتمكين المرأة من المساواة في الأجر وتحسين ظروف عملها خاصة في ما يتعلق بإستعمال المبيدات في المجال الفلاحي التي يمكن أن تمس من سلامتها الجسدية وتعرضها إلى أخطار كبيرة.
وأكّدوا على ضرورة مصادقة تونس على اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 190 المتعلقة بحق الجميع في مناخ عمل خال من العنف والتحرش.
واعتبر رئيس مكتب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فرع المنستير- قصيبة المديوني، منير حسين، في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأبناء، أنّ القوانين الحالية مازالت غير قادرة على منع العنف الاقتصادي الموجه ضدّ المرأة والحد منه.
وأوضح أنّ العنف الاقتصادي له أبعاد عدّة لأنّ تسليط العنف الاقتصادي على المرأة يؤدي بالضرورة إلى تعنيف أطفالها وأسرتها، لذلك فإنّ العنف الاقتصادي يهدد الاستقرار الاجتماعي وهو آلية لديمومة الهشاشة والفقر وغيرها من الظواهر الاجتماعية، وفق تعبيره.
وبالمناسبة، بيّنت المحامية والناشطة في الاتحاد الوطني للمرأة التونسية وفاء درويش أنّ الفصول 2 و3 و6 و13 من القانون 58 لسنة 2017 تحمي المرأة من جميع أشكال التمييز والعنف المسلط عليها، وتكرّس جريمة الميز، وإلتزام الدولة بحماية المرأة أمام العمل الهش، وتضمن لها التغطية الاجتماعية والتعويض لضحايا العنف ولا يستثني من ذلك العنف الاقتصادي (الفصل 13).
وتساءلت إن كانت الدولة التزمت بالتعويض لعاملات الفلاحة ضحايا حوادث الموت، داعية إلى ضرورة تفعيل الفصول السالف ذكرها.
واقترحت فتحية الحيزم الناشطة في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، لدى تطرقها إلى التحديات في تطبيق القانون 58، وضع السياسات الملائمة للقضاء على العنف المسلط على المرأة، وتمتيع القضايا الشغلية بالإعانة العدلية، والعمل بشكل مشترك لتغيير الواقع وتطبيق ما هو إيجابي في القانون 58 لسنة 2017.
وتطرقت إقبال الحيزم رئيس مصلحة الأسرة والمرأة بالمندوبية الجهوية للمرأة بالمنستير، في مداخلة قدمتها بالمناسبة،ـ إلى آليات مقاومة العنف الاقتصادي في القانون 58، فيما أشارت نهلة الصيادي من المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير إلى واقع العنف الاقتصادي المسلط على النساء في القطاع غير المنظم.
وفي ذات السياق، قدمت عاملات من القطاع الفلاحي والنسيج والنساء « البرباشة » شهادات حية حول معاناتهن بسبب التشغيل الهش.