أحزاب ومنظّمات تعبّر عن رفضها لمقترح تنقيح القانون الانتخابي

عبّرت عديد الأحزاب والمنظمات الناشطة في تونس عن رفضها لمشروع تنقيح القانون الانتخابي خلال الفترة الانتخابية، الذي تم عرضه على البرلمان التونسي يوم الجمعة 20 سبتمبر 2024 مع طلب استعجال النظر فيه وتضمن سحب الفصل في مادة النزاع الانتخابي من القضاء الإداري وعرضها بدلاً منه على القضاء العدلي.

وتم تقديم هذه المبادرة التشريعية من طرف مجموعة من النواب، عددهم 34 نائبًا، بعد نحو أسبوع من انطلاق الحملة الانتخابية للانتخابات الرئاسية في تونس المقررة يوم 6 أكتوبر 2024.

واعتبرت مختلف الأحزاب والمنظمات أن هذه الخطوة “تكتسي خطورة كبيرة” وهي بمثابة “اعتداء سافر على استقلالية السلطة القضائية”، كما أنها تمثّل “محاولة لترذيل عمل المحكمة الإدارية عبر محاولة إقصائها”.

  • جبهة الخلاص: انقلاب متجدّد على الإرادة الشّعبيّة

وفي بيان لها اعتبرت جبهة الخلاص الوطني، أن السلطة لجأت “في ردة فعل غير محسوبة ولمواجهة الضغوط المسلطة عليها، عبر عدد من النواب بالمجلس التشريعي إلى اقتراح تعديل للقانون الانتخابي يجرد المحكمة الإدارية من صلاحياتها في المادة الانتخابية”.

وقالت إن هذه الخطوة جاءت “بعد أن ألغت المحكمة الإدارية، من خلال جلستها العامة، قرارات هيئة الانتخابات التي حرمت عددًا من المواطنين من حقهم في الترشح للانتخابات الرئاسية لسنة 2024، كما جاء هذا التعديل كخطوة استباقية لدرء خطر إلغاء هذه الانتخابات من قبل المحكمة الإدارية بعد أن تجاهلت هيئة الانتخابات قراراتها وأقصت المعنيين من حق الترشح ما يعرض الانتخابات برمتها إلى الطعن في صحتها”.

ولفتت إلى أن مكتب مجلس النواب قّرر إحالة مشروع التعديل على لجنة التشريع مع استعجال النظر “حتى يكون منطبقًا على النزاعات المثارة في علاقة بانتخابات سنة 2024، كما نص الفصل الأخير منه على ذلك”.

ووصفت الجبهة هذا التطوّر بـ”الخطير”، وقالت إنه “ما كان ليحدث لو لم تقدم سلطة 25 جويلية على هدم الفصل بين السلطات من خلال الدستور الذي أقرته والذي مكنها من إخضاع كافة المؤسسات إلى المشيئة المطلقة لرئيس السلطة التنفيذية”.

واعتبرت أن هذا الإجراء يعدّ “اعتداءً سافرًا على استقلالية السلطة القضائية وتشريعًا على المقاس في نزاعات جارية خاضعة لقوانين سابقة الوضع”.

وقالت إن “هذا الإجراء يلقي بضوء كاشف جديد على انعدام أدنى شروط التكافؤ في المنافسة الانتخابية وهو شرط جوهري لصحة الانتخابات ولشرعية ما قد تفرزه من نتائج، بعد أن جُرّد التونسيون من حرية التعبير والاجتماع والترشح وتعرض السياسيون ونشطاء المجتمع المدني والاعلاميون والمدونون إلى القمع والسجن وتعرض القضاء إلى شتّى أنواع الضغط والتهديد”.

ودعت جبهة الخلاص “كافّة القوى الحيّة من مكوّنات الطّيف السّياسي والمدني إلى توحيد الجهود رفضًا لهذا الانقلاب المتجدّد على الإرادة الشّعبيّة ولهذا التّمهيد لتنظيم اقتراع صوريّ لا يليق بشعب أنجز ثورة 17 ديسمبر – 14 جانفي ونظّم في سياقها انتخابات شفّافة ونزيهة شهد له بها العالم بأسره”.

  • حزب العمل والإنجاز: قانون جائر وممارسات استبدادية

وبدوره لفت حزب العمل والإنجاز، إلى ما اعتبره “تعمّق أزمة الانقلاب على إرادة الشعب الذي يتطلع إلى انتخابات حرة، ونزيهة وتعددية، تفضي إلى إرساء قيادة ديمقراطية وشرعية، يجتمع حولها التونسيون للتصدي للتحديات الحقيقية التي تواجه البلاد”.

وتابع في بيان نشره ليل الجمعة 20 سبتمبر 2024: “نجد أنفسنا اليوم أمام سلطة تعمل بشكل متعمد على طمس هذه الإرادة الشعبية، عبر تجاوزات صارخة للقانون وتجاهلٍ لأحكام المحكمة الإدارية، مع تحيز واضح يخدم مصالحها الشخصية”.

وأضاف أنه يتم “في تطور خطير آخر، السعي لإصدار قانون جائر يهدف إلى إقصاء المحكمة الإدارية من البت في النزاعات الانتخابية، في تحدٍّ صارخ لكل المعايير القانونية والديمقراطية”.

وعبّر الحزب عن تنديده الشديد بهذه الممارسات التي وصفها بـ”الاستبدادية” و”التي تعرض استقرار البلاد ومستقبلها وسمعتها الدولية للخطر”.

وأكد أنه “أمام هذا الاستهتار السافر بحقوق الشعب”، فقد توجه حزب العمل والإنجاز إلى المحكمة الإدارية وقام بكافة الإجراءات القانونية اللازمة لإيقاف هذه الانتخابات، أعلن بوضوح “عدم الاعتراف بأي نتائج قد تترتب عن انتخابات غير شرعية”.

كما حذّر حزب العمل والإنجاز كل من ساهم أو صادق على هذه التجاوزات التي وصفها بـ”الخطيرة” من أنهم، “لن يفلتوا من المحاسبة، وأنهم سيواجهون متابعة قانونية صارمة، عاجلاً أم آجلاً، لأن العدالة ستطالهم مهما حاولوا التهرب من المسؤولية”، وفق نص البيان.

وجدد الحزب الالتزام “بمواصلة المقاومة السلمية والقانونية دفاعًا عن حق الشعب التونسي في حياة سياسية قائمة على الديمقراطية والتنمية العادلة”، داعيًا “كافة القوى الوطنية إلى التصدي لهذا التلاعب بمسار الانتخابات، والتنسيق الفوري لتنظيم مظاهرة كبرى للتعبير عن الرفض لهذا المسار”.

  • حركة حق: مبادرة غير دستورية وتؤثر سلبًا على شرعية الانتخابات

أما حركة حق فقد أكدت “عدم دستورية هذه المبادرة رجوعًا إلى الفصلين 75 و76 من دستور 25 جويلية 2022 ومخالفتها للقانون الأساسي للهيئة المستقلة للانتخابات فيما يتعلق بالاختصاص المطلق للمحكمة الإدارية في النزاعات الانتخابية”.

وقالت الحركة في بيان لها إنه، “في الوقت الذي كنا ننتظر تفاعلاً إيجابيًا مع خارطة الطريق التي أطلقتها حركة حق في 8 سبتمبر 2024، يتقدم 34 نائبًا من مجلس نواب الشعب بمبادرة تشريعية مع طلب استعجال النظر والرامية إلى تعديل فصول من القانون الانتخابي في فرع هام وحيوي متعلق بالهيئة القضائية المختصة في النزاعات الانتخابية وذلك بسحب الاختصاص من المحكمة الإدارية وتحويل وجهته للقضاء العدلي”.

وعبّرت حركة حق عن “رفضها لهذه المبادرة التي تضرب مصداقية العملية الانتخابية وتسد الطريق أمام كل إمكانية طعن جدي في نتائج الانتخابات الرئاسية مما يؤثر سلبًا على شرعية الانتخابات ويقوض مقبوليتها”، وفق نص البيان.

ودعت الحركة، جهة المبادرة إلى “سحب مقترح القانون الأساسي وتحمل جميع الأطراف ذات العلاقة مسؤوليتها الوطنية والتاريخية فيما سينجر عن مواصلة سياسة الهروب إلى الأمام والمغالبة”.

  • منظمة “أنا يقظ”: مسّ جوهري من سلامة المسار الانتخابي ومخالفة جسيمة

ومن جهتها أكدت منظمة “أنا يقظ”، أنها تتابع بانشغال “محاولة تنقيح القانون الانتخابي أسبوعين فقط قبل إجراء الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 عبر مبادرة تشريعية مفاجأة تمّ اقتراحها من قبل بعض النوّاب خلال العطلة البرلمانية”.

واعتبرت المنظمة في بيان لها، أن “المساس من القواعد القانونية المتعلّقة بالانتخابات خلال سير العملية الانتخابية فيه مسّ جوهري من سلامة المسار الانتخابي وفيه مخالفة جسيمة للممارسات الفضلى المتعلّقة بالانتخابات والتي تحجّر تنقيح القانون الانتخابي خلال السنة الانتخابية”.

كما قالت إن “انخراط مختلف “وظائف” الدّولة من تنفيذية وقضائية وآخرها تشريعية من خلال مجلس نواب الشعب لإنجاح مرشّح بعينه أصبح بمثابة تكوينهم لوفاق قصد وأد إرادة الناخب في اختيار من يمثّله وحقّه في تقرير مصيره”، حسب نص البيان.

وشددت على أن “محاولة ترذيل عمل المحكمة الإدارية عبر محاولة إقصائها من رقابة المسار الانتخابي لعدم انصياعها لأهواء رئيس الجمهورية وإرجاعها لثلاثة مترشحين للانتخابات الرئاسية وخوفًا من إمكانية إلغائها للنتائج مستقبلاً، ليس إلاّ دليلاً واضحًا لمضي السلطة قدمًا في مسارها الأحادي والدكتاتوري”.

وبيّنت أنّ تحويل النزاع الانتخابي المتعلّق بالنتائج برمّته إلى القاضي العدلي قبل أسبوعين من إجراء الانتخابات “فيه مسّ من الأمن القضائي للمترشحين خاصّة وأنّ القضاء العدلي لم يكن ولو لمرّة واحدة منذ الاستقلال معنيًا بالنزاعات الانتخابية”.

كما نبّهت المنظّمة من خطورة تمرير “مقترح” تنقيح القانون المتعلّق بالقانون الانتخابي، داعية الرئيس التونسي إلى “مواجهة خصومه السياسيين عبر صندوق الاقتراع وليس عبر إزاحتهم بطرق لا تمتّ إلى الديمقراطية بصلة وبكفّ العبث بمصير وطن بأكمله”، وفقها.

  • شبكة الحقوق والحريات: سابقة تاريخية مفضوحة وإصرار على التلاعب بالعملية الانتخابية

وبدورها أعلنت الشبكة التونسية للحقوق والحريات “حالة طوارئ شعبيةً”، داعية إلى تجمع احتجاجي بشارع الحبيب بورقيبة الرئيسي في العاصمة تونس يوم الأحد 22 سبتمبر 2024 على الساعة الثانية بعد الزوال بالتوقيت المحلي، تحت شعار “كفى عبثًا”، تنديدًا بمقترح تعديل القانون الانتخابي.

واعتبرت الشبكة في بيان لها أن الرئيس التونسي المنتهية ولايته “قرّر في سابقة تاريخية مفضوحة، عبر مجلس نوابه تنقيح القانون الانتخابي بعد انطلاق الحملة الانتخابية بأسبوع وقبل أيام قليلة من يوم الاقتراع وذلك بهدف تجريد المحكمة الإدارية من دورها في مراقبة العملية الانتخابية”، مضيفة أن ذلك “يؤكد إصراره على التلاعب بالعملية الانتخابية والدوس على ما تبقى من مقومات النظام الجمهوري”.

وقالت الشبكة في بيانها، إن دعوتها للاحتجاج تأتي “انطلاقًا من دورها الوطني في الدفاع عن الديمقراطية وعن دولة القانون والمؤسسات وإيمانًا منها بأن هذا القرار يعتبر سابقة خطيرة تهدد أركان الدولة”، داعيةً “كل القوى الوطنية في مختلف الجهات للتنسيق والمبادرة من أجل إيقاف هذا العبث الزاحف على الدولة والمجتمع”، حسب نص البيان.

عن Radio RM FM

شاهد أيضاً

وزارة العدل تؤكد التزامها بتطبيق القانون ضد كل من يستهدف القضاة ومؤسسات الدولة

أكدت وزارة العدل التزامها بتطبيق القانون وفرض علويته على الجميع حفاظا على هيبة الدولة، وذلك تبعا …