تولّى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس، اليوم الجمعة 30 ديسمبر 2016، إكساء أول قرار تحكيمي تصدره هيئة الحقيقة والكرامة بالصبغة التنفيذية، يتعلق بنزاع تحكيمي بين شخص طبيعي ومؤسسة عمومية، وذلك وفق مقتضيات الفصل 50 من القانون الأساسي للعدالة الانتقالية.
ويتمثّل النزاع التحكيمي مضمون القرار في اقصاء السيد أحمد الغزواني طالب تحكيم بصفته ضحية من الحصول على قطعة أرض من تقسيم حدائق قرطاج وذلك من طرف الوكالة العقارية للسكنى بصفتها مطلوبة للتحكيم. وبعد تجاوب الوكالة العقارية للسكنى، تم إمضاء اتفاقية تحكيم ومصالحة مبدئية بين طرفي النزاع التحكيمي بتاريخ 21 مارس 2016، وهي أول اتفاقية تعقدها هيئة الحقيقة والكرامة.
وقد تبيّن للجنة التحكيم والمصالحة أثناء عقد الجلسات التحكيمية وبدراسة الملفّ محلّ النزاع أنه لم يتم احترام النصوص القانونية المتعلقة بإسناد قطع الأراضي الصالحة للبناء، حيث تمّ اقصاء السيّد أحمد الغزواني من قائمة المنتفعين بسبب نشاطه السياسي والحقوقي. كما تبيّن للجنة وجود تجاوزات قانونية خطيرة في ملفّ اسناد قطع الأراضي بتقسيم حدائق قرطاج وذلك بسبب التدخّل المباشر للرئيس المخلوع، الذي أقر قائمة ممتازة تضم 173 من المقربين منه ومن زوجاتهم وأبنائهم تم تمكينهم من الانتفاع بالأراضي بأسعار متدنية ودون اتباع الإجراءات القانونية المعمول بها. وقد شملت قائمة المنتفعين المحدّدة من قبل رئاسة الجمهورية بعض أصحاب المناصب السياسية وإطارات الدولة على غرار وزراء وقضاة وإعلاميين ورؤساء أحزاب وفنانين ورياضيين.
حيث أفادت الوكالة العقارية للسكنى، خلال الجلسات التحكيمية، أن هناك قائمة ممتازة أسندت اليها مقاسم فردية بتقسيم حدائق قرطاج صادرة مباشرة من رئاسة الجمهورية سنة 2003 دون احترام الشروط والإجراءات القانونية منها عدم تقديم أي منتفع لأي مطلب للغرض وذلك بالإضافة لعدم استجابة هؤلاء المنتفعين للشروط المطلوبة في جميع النصوص القانونية المتعلقة بإسناد قطع الأراضي الصالحة للبناء والتي ينظمها الأمر عدد 73 لسنة 1974 المؤرخ في 21 جانفي 1974 المتعلق بتنظيم وتسيير الوكالة العقارية للسكنى.
وبالتالي تبيّن للجنة التحكيم والمصالحة أن الأفعال المقترفة من الجهة المطلوبة في النزاع التحكيمي تمثّل انتهاكا لحق الملكية وفسادا اداريا وذلك ضمن الانتهاكات المشمولة بمسار العدالة الانتقالية. وأصدرت الهيئة بموجب ذلك قرارا تحكيميا يقضي بإلزام الوكالة العقارية للسكنى بمنح الطالب الأولوية المطلقة من مقسم فردي بالتحوير المزمع إنجازه من المطلوبة وذلك بحدائق قرطاج تونس.
وشكر السيّد خالد الكريشي رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بالهيئة طرفي النزاع التحكيمي طيلة مراحل معالجته من قبل اللجنة المتخصّصة وصولا لإصدار هذا القرار التحكيمي وإكسائه بالصبغة التنفيذية، وشدّد على ضرورة التركيز على أهمية ونجاعة آلية التحكيم والمصالحة في إطار العدالة الانتقالية لحلّ النزاعات المتعلقة بالفساد المالي والإداري.
شاهد أيضاً
مزايا و عيوب كل وضعيات النوم
يقر الخبراء بأن أفضل وضعية للنوم هي الوضعية التي تجعل الشخص يشعر بالراحة، ولكن الطبيب …