اختتمت أمس الأحد بالمركب الثقافي بالمنستير الدورة الأولى لملتقى الخط والحروفية الذي نظمه المركب الثقافي بالمنستير بدعم من المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير على إمتداد ثلاثة أيام بمشاركة أساتذة جامعين وفنانين من تونس وليبيا.
وتميزت هذه الدورة بفقراتها المتنوعة خاصة منها المعرض الذي تضمن تجارب هامّة في الخط العربي والحروفية، والورشات التي انتظمت أمس في فضاء معلم سيدي سيدي ذويب وفي ذلك تثمين لهذا المعلم ثم اليوم في المركب الثقافي وشهدت إقبالا كبيرا وفق ما أفاد شكري التليلي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بالمنستير اليوم في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وأضاف شكري التليلي أنّ الجهة كانت سباقة في إحداث هذا الملتقى الذي يكرس الهوية التونسية فالخط والحروفية فن راقي ومثل هذا الملتقى يكرس الثقافة التونسية التي تُعرف بتونس بين الأمم وهي جسر تواصل مع بقية الأمم.
واعتبرت أميرة البكوش مديرة المركب الثقافي بالمنستير أنّ انطلاقة ملتقى الخط والحروفية كانت متميزة وثرية بتبادل الخبرات والنقاش حول الفرق بين الخط الكلاسيكي والحروفية ومميزات كلّ منهما.
وبيّن الفنان التشكيلي الليبي محمّد الخروبي أنّ الخط العربي عبارة عن فن جماعي يخضع لقواعد ومقاييس معيّنة عكس الحروفية التي هي فن فردي يعتمد على البصر أكثر من اللغة فعند الإبحار في حرف الواو فليس من الضروري أن يعطي معنى لغويا بل من المهم أن يعطي شكلا له تكوين جميل وكلما اتجه الفنان إلى نفسه كلّما كان مميزا في الحروفية.
وعرف الخط العربي المستمد من الخط النبطي تطورا فابن خلدون يقول إنّ الخط كالكائن الحي يعرف نهضة في المدن.وكان في السابق غير مقعد وغير منقط ويسمي كتابة وكان خطا يابسا يكتب على الصخر وجذوع النخيل والجلد وكانت أدواته صلبة ثم مع اكتشاف الصينيين للورق أصبحت الكتابة لينة أكثر وظهرت الخطوط كالخط الفارسي والديواني والقيرواني والأندلسي والمغربي. ويعدّ الخط حاملا للحضارة.
وظهرت الحروفية نهاية الخمسينات في العراق مع مديحة عمر وجميل حمودي ثم تأسست سنة 1971 جماعة البعد الواحد مع شاكر حسن آل سعيد حسب محمّد الخروبي.
وأضاف لمجد النوري الأستاذ بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس أنّ الحروفية هي ببساطة الحرف المرسوم والمتحرر من القواعد وقد نشأت في ظل فراغ للخط العربي الكلاسيكي.
وبيّن أنّ الحرفية لم تقض على الخط بل هي إمتداد وإثراء له فقد وَلَدَت تَطوُرات الخط الحروفية التي هي منهج وتوظيف جديد للحرف من قبل الفنانين التشكيلين والنحاتين والخزافين.
وأوضح الفنّان التشكيلي الحروفي الليبي عمر بركة أنّ ليبيا من الدول المتقدمة والمتطورة في مجال الحروفية ولديهم نخبة من الفنانين الحروفين وعلى رأسهم الفنان محمّد الخروبي الذي تتميز أعماله دائما بالابتكار ولديه تجربة متطورة.
وأكد أنّه يحبذ ممارسة الحروفية لأنّه فن حر وفردي فهناك أوقات تجد الحرف في أفضل حالاته أو منضبطا وفي حدود القاعدة وأوقات أخرى في صورة ناقصة أو متفرد أو متمرد و »كلّ هذا يشبهني فهو طبعي في الحياة وهذا وجه الشبه بيني وبين الحروفيات ».
وذكر نور الدّين العوني أستاذ الفنون الجميلة بالمعهد العالي لتكوين المعلمين أنّ الخط العربي الكلاسيكي له ضوابط والحروفية هي فرع من فروع الخط العربي وهي فن تشكيلي يستعمل الحرف كعنصر بناء لإثراء العمل التشكيلي، الحروفية فن من الفنون التشكيلية التي تبني الحضارة المتطورة.