أشار تقرير لمجموعة البنك الدولي، صدر اليوم الاربعاء، إلى أن الإقتصــاد في تونس قد ينكمش بنســبة 4ر3 بالمائــة مــن الناتــج الداخلــي الخــام بحلــول عــام 2030 ، أي بقرابــة 6ر5 مليــار دينــار تونســي ســنوًيًا (8ر1 مليــار دولارأمريكــي) بالقيمـة الحاليـة الصافيـة،إذا لم تتخذ البلاد إجــراءات عاجلــة للتعامــل مــع مخاطــر التغيــرات المناخيــة وبشــكل خــاص نقــص الميــاه.
ويشـير “تقريرحول المناخ والتنمية في تونس” الذي تم تقديمه خلال لقاء إعلامي بمقرالبنك بالعاصمة، أن عـدم معالجـة نقـص الميـاه، وتـآكل السـواحل، والفيضانـات قد يؤدي إلـى خفـض الناتـج الداخلـي الخـام بنسـبة 4ر3 بالمائـة فـي عـام 2030، كمـا يمكـن أن تزيـد هـذه الخسـائر السـنوية إلـى 4ر6 بالمائـة مـن الناتـج الداخلـي الخـام بحلـول عـام 2050 ، أي مـا يعـادل4ر10مليـار دينـار تونسـي (4ر3 مليـار دولار أمريكـي) مـن القيمـة الحاليـة الصافيـة، “إذ تعـزى نسـبة كبيـرة مـن هـذه الخسـائر إلـى تأثيـرات نقــص الميــاه”.
وسيتأثر القطــاع الفلاحي علــى وجــه الخصــوص، حيــث مــن المتوقــع أن تنخفــض قيمتــه المضافــة بنســبة 15 % بحلـول عـام 2030 وبنسـبة 29 % بحلـول عـام 2050. ومـن جهـة أخـرى، سـيؤدي انخفـاض الإنتاج الفلاحي إلى تقليـل صافـي الصـادرات، بينمـا سـتزيد الـواردات لسـد الفجـوة الناتجـة بيـن العـرض والطلـب. وأشار معدو التقرير إلى أنه في هذا السـيناريو، “يمكـن أن يتدهـور عجـز الحسـاب الجـاري بأكثـر مـن 6 % فـي عـام ،2030، الأمـر الـذي يمكـن أن يزيـد مـن هشاشـة التـوازن الخارجـي القائـم فـي تونـس.
إزاء هذا السيناريو، يوصي الخبراء تونس بتعزيز إدارة الموارد المائية وتوسيع إمداداتها، “إذ تعتبـر إدارة الطلـب علـى الميـاه وتحسـين الكفـاءة أمـران ضروريـان لتحقيـق أقصـى قـدر مـن المـوارد المائيـة التقليديـة المتاحـة”
وحسب التقريرالذي ينشر قبل يوم من افتتاح مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية “”COP28، الذي ينعقد من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر 2023 في مدينة دبي الإماراتية، ستسـتفيد الـبلاد مـن إعطـاء الأولوية لترشـيد الطلـب علـى المياه وتنفيذ حملات توعية مسـتهدفة، بالإضافة إلى إصلاحات مؤسساتية وإنشـاء نظـام لمراقبـة الميـاه والتنبيـه المبكـر لتعزيـز حوكمـة الميـاه وإدارتهـا بشـكل أفضـل.
كما أشار تقرير مجموعة البنك الدولي إلى أن تونس يمكنها الإستفادة من الإعتماد علـى مصـادر الميـاه غيـر التقليديـة لمواجهـة اختلال التـوازن بيـن العـرض والطلـب، مذكرا أنه “قـد تـم الإنتفاع تقريبـا من المــوارد المائيــة التقليديــة بشــكل كامــل، وســيتطلب تطويــر التخزيــن الإضافي والبنــاء للميــاه تصميما مدروسا وهادفــا”.
وحسب رأي الخبراء الذين أعدواالتقرير، “يمكــن أن يسـاعد الجمـع بيـن عمليـات التحليـة وإعـادة اسـتخدام ميـاه الصـرف الصحـي فـي الرفـع مـن إمـدادات الميـاه بمقـدار 693 مليـون متـر مكعـب، وفقـا لإستراتيجية تونـس المائيـة الـى حـدود 2050.
وأوصى التقرير في نفس الإطار بزيـادة قـدرة القطـاع الفلاحي على التكيـف وزيادة الكفاءة، واسـتغلال الحلول المسـتندة إلـى الطبيعة وتحفيز الإستثمار على سـبيل المثـال من خلال حوافـز ضريبية في حمايـة وإعـادة تأهيـل النظـم البيئيـة.
كما أشار إلى أهمية توسـيع ممارسـات التخطيـط لإستخدام الأراضي بشــكل مســتدام وممارســات إدارة الميــاه وغراسة الأشجار إلى جانب تطويـر الزراعـة والبحـث وتعزيزهـا والعمـل علـى رفع مسـتوى الذكاء في الخطة المناخية ومكافحة هـدر الغـذاء ونقصه فـي كل مراحـل الزراعة والصيـد وتربية الماشية.
ويرى الخبراء أن التحكم في الطلب على المياه من خلال طرق التسعير والقياس بالإضافة إلى تحديـث وإعـادة تأهيـل وتمديد شـبكات الميـاه للحد من هـدر المياه و نقصهــا، وتحســين مراقبــة الشــبكة وإدارتهــا بمساعدة التحـول الرقمـي لقطاع المياه، يمكنه أن يساعد تونس أيضا في مواجهة التحديات المتعلقة بشح المياه.
وأشار التقرير في نفس السياق إلى ضرورة حمايــة الميــاه والميــاه الجوفيــة مــن إســاءة الإستخدام وتلــوث الميــاه الزراعــي مــن خلال إنشــاء مناطــق حمايــة ومراجعــة وتنفيــذ قانــون الميــاه الجديــد بالإضافة إلى تطويــر إدارة الميــاه مــن خلال وضــع خطــط احتياطيــة أثنــاء فتــرات الجــفاف وإجراء مــخزون للــسحب من المــياه.
يذكر أن تقريرمجموعة البنك الدولي ذكر في أن تونـس قـادرة علـى التوفيـق بيـن نمـوذج اقتصـادي جديـد وأسـس تنميـة مسـتدامة ومرنـة بهدف تسـريع الإنتعاش الإقتـصادي وتأمـين فرص العـمل وسبل المعيـشة، وذلك تماشيا مع استراتيجيات الحكومة.