نشرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة « اليونيسيف » بتونس دراسة حديثة بعنوان « تحليل وضعية الأطفال في تونس 2020″ تطرقت خلالها إلى عدة إشكاليات تعاني منها الطفولة في تونس، مقدمة جملة من التوصيات إلى الجهات الرسمية بهدف وضع الاستراتيجيات والبرامج الكفيلة بالنهوض بواقع الطفل.
وتمثلت أبرز التوصيات الصادرة عن هذه الدراسة التحليلية حول وضع الطفولة في تونس، في دعوة الجهات الرسمية الى الترفيع في الاعتمادات الموجهة لعدد من القطاعات ذات العلاقة بالطفل ومن بينها التعليم ما قبل المدرسي والنظام الصحي في الخطوط الأمامية ومنظومة الحماية الاجتماعية، مع اتخاذ جملة من الاجراءات والسياسات التي تضمن التوزيع العادل والفعال لهذه النفقات العمومية بما فيه مصلحة الأطفال في كافة الجهات ومنها بالخصوص المناطق المحرومة.
وتنقسم الدراسة، التي تحتوي على 237 صفحة، إلى قسمين كبيرين يهتم أولهما بالإشكاليات والتحديات التي يواجهها الأطفال في تونس في أفق 2030،
فيما يتعلق القسم الثاني من الدراسة بتقييم مستوى وجودة التمويل العمومي للخدمات الموجهة للطفل.
وتمثل هذه الدراسة وثيقة مرجعية عن وضعية الأطفال في تونس من خلال ما توفره من تحليل شامل لواقع الطفولة في تونس من أجل مساعدة أصحاب القرار على مواجهة التحديات والمخاطر التي تهدد الأطفال في أفق 2030
ولاحظت الدراسة التي ارتكزت على معطيات وإحصاءات رسمية، وجود فوارق اجتماعية بين الأطفال نتيجة عدم التوصل إلى تحقيق الأهداف المرسومة في منوال التنمية المستدامة لأفق 2030 في مجال مقاومة الفقر والصحة والتعليم وغيرها، مشيرة أيضا إلى ارتفاع ظاهرة العنف المسلط ضد الأطفال.
وأشارت الدراسة إلى أن 21,2 بالمائة من الأطفال يعانون الفقر في تونس التي يبلغ فيها معدل الفقر العام 15,2 بالمائة. وكانت دراسة نشرتها منظمة « يونسيف » بتونس بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية في أوت الماضي قد كشفت عن احتمالية ارتفاع عدد الأطفال الفقراء من 688 ألف طفل قبل ظهور وباء كورونا إلى 900 ألف طفل في خضم هذه الجائحة.
من جانب آخر أشارت المنظمة إلى أن 17.2 بالمائة من الأطفال (بين صفر و5 سنوات) يعانون من السمنة وأن 44.2 بالمائة كانوا مهددين بالسمنة في سنة 2018. كما كشفت عن ارتفاع مؤشر الأمراض النفسية والعقلية لدى الأطفال.
كما أكدت الدراسة أن 72 بالمائة من الأطفال لا يمتلكون مهارات أساسية في العمليات الحسابية وأن 34 بالمائة منهم لا يمتلكون المهارة في القراءة.
وفي ما يتعلق بظاهرة العنف أشارت إلى تسجيل حوالي 17500 حالة تبليغ عن العنف الجسدي المسلط على الأطفال في سنة 2018، مقابل نحو 6 الاف حالة تبيلغ عن حالات العنف في نهاية ديسمبر 2011
وأبرزت الدراسة عديد التحديات التي تهدد الطفولة على غرار استمرار تفشي الأوبئة التي تصيب الأطفال، كاشفة عن أمثلة في هذا السياق على غرار تراجع نسبة تغطية تلقيح الحصبة، وضعف مردود البرنامج الوطني للتلقيح وتراجع المنظومة الصحية العمومية وغياب التلاقيح ضد الالتهاب الكبدي « أ » من رزنامة التلاقيح الوطنية إلى غاية سنة 2018.
كما بينت أن هناك تحديات تتعلق بصحة الأطفال والمراهقين بما في ذلك صحتهم العقلية، مشيرة إلى وجود نقص على مستوى كفاءة الموارد البشرية في التعامل مع القضايا المتصلة بالصحة النفسية والعقلية للأطفال ووجود ضعف في السياسات العمومية التي تستهدف الاضطرابات والأمراض العقلية لديهم.
وكشفت أيضا عن وجود ضعف في تمويل السياسة الصحية النفسية في ميزانية وزارة الصحة بالإضافة إلى عدم إدراج برنامج التثقيف الصحي في مناهج التعليم.
وفي ما يتعلق بالتعليم أظهرت الدراسة وجود ضعف في تكوين المدرسين خاصة في اللغات، مؤكدة من جهة أخرى أن خطر الانقطاع المدرسي يظل أحد أكبر التحديات القائمة في تونس. ودعت في هذا الصدد إلى تطوير الآليات الكفيلة بادماج الأطفال الأكثر هشاشة وضعفا في المجتمع.
كما دعت منظمة « اليونيسيف » في هذه الدراسة ضمن عديد التوصيات الأخرى إلى تطوير آليات مكافحة العنف ضد الأطفال على غرار الاستغلال الاقتصادي والعنف الجسدي والنفسي وعدم احترام حقوق الطفل، موصية بصياغة برنامج لتدريب الوالدين حول كيفية تربية أبنائهم دون اللجوء إلى العنف.