ابرز رئيس الجمهورية قيس سعيد مساء الثلاثاء في كلمته في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية 31 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة “الحاجة إلى جامعة عربية قوية لتعزيز التعاونالعربي المشترك وارساء إصلاح عميق لمنظومة العمل العربي وفق آليات جديدة ومقاربات مبتكرة تقوم على حوار شفاف وصريح وبناء”.
وبين رئيس الدولة في كلمته أمام القادة العرب خلال هذه الدورة التي يحتضنها المركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالعاصمة الجزائرية أن تونس تسلم اليوم أمانة الرئاسة العربية إلى الجزائر الشقيقة بعد ثلاث سنوات كانت استثنائية بامتياز في ظرف إقليمي ودولي غير مسبوق من حيث حجم التحديات وتعدد أبعادها وتتالي الأزمات وتواتر التغييرات والمستجدات من أزمة كوفيد التي “استنزفت منظومتنا الصحية وأثرت في اقتصادياتنا وموازناتنا المالية وسياساتنا الاجتماعية إلى الأزمة الروسية الأوكرانية التي فاقمت من أزمات أمننا الغذائي والطاقي” إضافة إلى التغيرات المناخية والكوارث البيئية وتنامي الصراعات وما تبعها من تنامي الإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات الاتجار بالبشر والهجرة غير النظامية .
وأكد رئيس الجمهورية أن تونس في خضم جميع هذه التحديات، لم تدخر جهدا في أن تظل القضايا العربية في صدارة الاهتمامات الدولية وعلى جدول أعمال جميع الاستحقاقات الإقليمية والدولية وحتى الثنائية وحرصت على إعلاء الصوت العربي الموحد وسط التجاذبات وجموع الأصوات الداعية إلى الاستقطاب والانقسامات.
كما سعت إلى أن يكون الموقف العربي حاضرا وفاعلا في بلورة أي تصور أو حلول قد تطرح إقليميا ودوليا حتى لا تكون المجموعة العربية على هامش هذه الحلول أو تصاغ على حساب المصلحة العربية المشتركة وقضايا الامة .
ولفت إلى أن تزامن رئاسة تونس للقمة العربية مع عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن خلال سنتي 2020 و2021 ثم عضويتها في مجلس السلم والأمن للاتحاد الافريقي وعضويتها في المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة واحتضانها مؤخرا لندوة طوكيو الدولية في افريقيا قد كان خير سند للمساعي العربية حتى تتحمل المجموعة الدولية مسؤولياتها إزاء ااقضايا العربية .
وقال رئيس الدولة “لقد حرصنا على ان تظل القضايا العربية الموجودة على جدول أعمال الأجندة الدولية صبغتها العربية” وأن تبحث التسويات وفقا للمصلحة العربية وذلك من خلال التأسيس لحوار دوري بين جامعة الدول العربية ومجلس الأمن الدولي بما يتيح المجال لفهم أعمق لقضايانا وحشد الدعم لها, وبما يضفي ديناميكية جديدة ونجاعة على الدور العربي في التعاطي مع مختلف القضايا الدولية والمسائل الإنسانية وحفظ السلام ومكافحة الإرهاب.
وأكد رئيس الدولة هذا السياق ضرورة حل جميع القضايا العادلة بناء على نفس المقاييس والمعايير الدولية مشيرا إلى العمل بالتنسيق الوثيق مع مختلف الأشقاء العرب على أن تكون القضية الفلسطينية على جدول اعمال المجموعة الدولية في مختلف الاستحقاقات والمؤتمرات.
كما أكد الحاجة اليوم إلى إرادة مشتركة حقيقية لإيجاد حل مشترك يتجاوز مرحلة التشخيص الى مرحلة الفعل والاستجابة لمختلف القضايا وتحويل التحديات القائمة الى فرص حقيقية.
ولاحظ أن جميع القضايا العربية الجوهرية ما تزال معلقة منذ عقود وزادتها التحولات الإقليمية والدولية تعقيدا الامر الذي يجعل العمل العربي المشترك غير قادر على التأقلم السريع والفعال مع جميع التحولات العالمية الراهنة في الوقت الذي يفترض مزيدا من التضامن والتآزر والتكامل بناء على المبادئ والقواسم المشتركة.
وقال غفي هذا السياق “كيف يمكن لنا ان نطلب من الآخرين الدعم والمساندة حول قضايا نختلف نحن فيها نفتقد فيها للرؤية الواضحة ، ألم يحن الوقت بعد من أجل توحيد المواقف حتى تستعيد سوريا عافيتها واليمن استقراره وليبيا مكانتها ونستعيد نحن كمجموعة عربية زمام المبادرة وقيادة قضايانا” .
وتطرق الرئيس قيس سعيد إلى اجتماع المصالحة الفلسطينية الذي احتضنته الجزائر مؤخرا داعيا بهذه المناسبة الأطراف الفلسطينية إلى المضي قدما نحو ترسيخ حقيقي للمصالحة باعتبارها شرطا أساسيا لمواجهة السياسات القمعية لقوات الاحتلال.
كما دعا الأطراف الليبية إلى لم شملهم وتحقيق المصالحة الشاملة وتنفيذ مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي استضافته تونس في نوفمبر 2020، مؤكدا أنه لا حل في ليبيا إلا لحوار ليبي ليبي يوحد الليبيين حول مشروع وطني بقيادة ليبية بعيدا عن أي تدخل خارجي .
وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي أكد رئيس الجمهورية أنه حان الوقت لإرساء نظام اقتصادي عربي مشترك قادر على الصمود أزاء مختلف التقلبات العالمية وقادر على احتواء الضغط الدولي وعلى التفاعل مع بقية الفضاءات ومختلف الشراكات والشركاء أيا كانوا من موقع القوة والندية والمساواة,
ودعا الى الخروج بقرارات عملية وتحديد المشاريع والبرامج الكفيلة بتحقيق الاكتفاء الذاتي وبلوغ الأمن الغذائي والدفاع عن أمن دولنا المائي باعتباره أحد دعائم الأمن القومي العربي الشامل.
وشدد على تطلع تونس في هذا السياق إلى أن يكون اعتمادنا لألية الانعقاد الدوري للقمة التنموية سبيلا إلى إدراك هذه الغايات على المدى المتوسط. كما تدعو إلى ضرورة تعزيز المجلس الاقتصادي والاجتماعي وإصلاحه بشكل يجعله قادرا على تقديم الإضافة المرجوة والمقترحات الكفيلة بالاستجابة للتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها شعوبنا وتحقيق التأثير الإيجابي الملموس في واقعها حتى تستعيد ثقة شبابنا وتوف له الحياة الكريمة والعمل اللائق فيكون مصدرا لخلق الثروة في أوطاننا بدل أن يقع ضحية الإرهاب وشبكات الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة وبائعي الأوهام في الهجرة غير النظامية.