في إطار مواكبتها لتطورات موضوع انتشار فيروس كورونا وما يعكسه من مخاطر وتفاعلا مع آخر المستجدات ولا سيّما تفشي هذا الفيروس في بعض الدول القريبة من تونس جغرافيا على غرار إيطاليا، عقدت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية أمس الثلاثاء 25 فيفري 2020 جلسة استماع طارئة إلى المدير العام لإدارة الرعاية الصحية بوزارة الصحة حول استعدادات الوزارة في هذا الصدد.
وفي بداية الجلسة قدّم ممثل الوزارة لمحة عن تاريخ ظهور هذا الفيروس وتطوّره في العالم، واستعرض استراتيجية الوزارة للتصدي لهذا الفيروس والتي تعتمد على ثلاثة عناصر أساسية وهي الوقاية والبرمجة والإحاطة . وأوضح أن هذه الاستراتيجية وقع تفعيلها منذ مدة بتونس وقد تمّ توفير وسائل المراقبة الصحية في كامل المطارات والموانئ والحدود البرية للبلاد مع اعتماد خطة تهدف إلى توفير أسرّة عزل في كلّ مستشفى مخصصة للحالات التي تستوجب فيها حالة المريض العناية المركزة، فضلا عن الحملات التحسيسية عبر وسائل الاتصال والإعلام للوقاية من احتمال الإصابة بهذا الفيروس.
وطمأن المدير العام أعضاء اللجنة أنه إلى حد الساعة لم تسجل أية حالة إصابة بهذا الفيروس ببلادنا مشيرا أنه بحكم انتشاره في دول قريبة جغرافيا من تونس كإيطاليا، فإن الوزارة على يقظة دائمة تحسبا لأي طارئ أو مستجد كما أنها وضعت استراتيجية متغيرة حسب الحالات. وأفاد من جهة أخرى، أنه في إطار الاستعداد للتوقي من انتشار هذا الفيروس والتصدي له، تم رصد اعتمادات مالية للوزارة بأربعة مليون دينار. ورغم عدم كفاية هذا المبلغ لتأمين حماية أفضل فإن الوزارة سارعت بالبدء في اقتناء التجهيزات الضرورية والمواد التعقيمية والأدوية وغيرها ورصدت في هذا الإطار مبلغا يناهز 2.7 مليون دينار من جملة الاعتمادات للتعامل مع الصيدلية المركزية
كما بيّن أن الوزارة مستعدة في صورة ظهور هذا الفيروس بتونس لاعتماد اجراءات استثنائية، من ضمنها أنه وقع وضع مخبر مرجعي بمستشفى شارل نيكول يعمل بالتنسيق مع مجموعة من مخابر البحث المتواجدة في أماكن أخرى من تراب الجمهورية، مع الجاهزية الكلية لمضاعفة عدد المخابر في كلّ وقت وحسب الحالة.
وفي تفاعلهم، أكّد أعضاء اللجنة أنّ الانتشار السريع لمثل هذا الفيروس يجب أن يجابه بتعزيز الاحتياطات والإجراءات التي اتخذتها الوزارة، مشيرين الى أن مستوى الرقابة الصحّية بالمعابر الحدودية والمطارات والموانئ التونسية لا تزال محدودة جدا بالمقارنة مع الإجراءات الدقيقة التي اتخذتها العديد من الدول الأخرى. وتساءل بعض النواب عن مدى جاهزية الوزارة للتصدي لمثل هذا الفيروس، كما تطرقوا إلى إمكانية إدماج الإطارات والكفاءات الطبية التابعة للمستشفى العسكري ضمن الفرق الطبية المكلفة بتأمين الرقابة الصحية.
كما استوضح بعض المتدخلين عن موقف الوزارة من رفض بعض الجماعات المحلية لإيواء المصابين المحتملين بدائرتها الترابية، داعين إلى ضرورة تدعيم الحملات التحسيسية وتكثيف القوافل الصحية ووضع خطة اتصالية متطورة للوزارة لتسهيل التواصل مع المصابين المحتملين مع ضرورة توفير الكمية الاحتياطية اللازمة من الأدوية والمعدات الأخرى مثل اللباس الخاص بالإطار الطبي وبالأشخاص المصابين بهذا الفيروس وغيرها من التجهيزات. كما شدّد بعض النواب على ضرورة القيام ببعض العمليات البيضاء للتدرب الأمثل على مجابهة هذا المرض في صورة انتشاره.
وتوقّف عدد من النواب عند التعقيدات القانونية والإجرائية المطروحة عند إبرام الصفقات العمومية من قبل الوزارة لاقتناء المستلزمات بالسرعة المستوجبة عند الضرورة، مؤكّدين أن التزوّد بمثل هذه المعدات يجب أن يكون بصفة مسبقة باعتبار أن عدد المزودين على الصعيد الدولي قليل جدا فضلا عن تهافت العديد من الدول مؤخرا على طلبها بشكل غير مسبوق.
وتفاعلا مع هذه الأسئلة والاستفسارات، بيّن المدير العام أن الاستراتيجية الموضوعة من قبل الوزارة بصدد التفعيل بنسق تصاعدي، مؤكّدا أنه رغم عدم تسجيل أي حالة إصابة بصفة رسمية إلى حد الآن، فإن هذه الاستراتيجية تشهد تطويرا متواصلا حتى تكون قابلة للتأقلم مع كل المتغيّرات والمستجدات الطارئة.
كما أشار أن الاعتمادات المخصّصة لتحقيق الأهداف المرسومة تعتبر ضعيفة وأن الوزارة ستطلب لاحقا تدعيم الميزانية المخصصة لهذه الموضوع كلما دعا الأمر ، معوّلا على تفهّم نواب الشعب وعلى استعدادهم لإيلاء الموضوع ما يستحقه من اهتمام ومن اعتمادات مالية في كنف الحوكمة الرشيدة. كما أوضح أنه سيكون للمستشفى العسكري نصيبه من الاعتمادات المالية التي تم رصدها للتصدي لهذا المرض. وذكّر في هذا الصدد أنه رغم دعم منظمة الصحة العالمية للوزارة على المستوى التقني إلا أنه من الحتمي التفكير في توفير الحدّ الأدنى من الموارد المالية لإنجاح هذه الاستراتيجية وللعمل بأكثر أريحية.
من جهة أخرى، أكد المدير العام أنّ الوزارة ستعمل على التفاعل الإيجابي مع ملاحظات أعضاء اللجنة بخصوص النقص الملاحظ على مستوى الحملات التحسيسية كما ستعمل على مراجعة الخطة الاتصالية في اتجاه مزيد توعية المواطنين وتحسيسهم لاتخاذ الاحتياطات اللازمة. كما أفاد أنه تم ميدانيا القيام ببعض العمليات البيضاء وسيقع تدعيم ذلك في القريب العاجل بعمليات أخرى أكبر حجما وأكثر نجاعة.
وفي ختام الجلسة، أكد ممثل الوزارة أن الوضع الصحي الحالي لا يستدعي الكثير من القلق في تونس وأنه يمكن طمأنة الشعب التونسي بأنه لم يقع تسجيل أية إصابة بهذا الفيروس إلى حد الآن وأن الوزارة ستعمل على تطوير استراتيجيتها لمجابهة احتمال العدوى بهذا الفيروس بالتعاون مع كافة الأطراف المعنية ومن ضمنها الجماعات العمومية المحلية وغيرها من الهياكل الإدارية فضلا عن المجهود المبذول من قبل مكونات المجتمع المدني.