أصدرت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بلاغا للتعليق على ما تم بثّه في برنامج “دار الحبايب” على إذاعة تونس الثقافية والإذاعة الوطنية وإذاعة الشباب في إطار البث الموحد بين الإذاعات العمومية بتاريخ 22 ماي 2020 أواخر شهر رمضان، حيث تم بث مضمون إباحي لمدة 8 ثواني وذلك بدل بث أغنية لفنانة تونسية مقيمة بالنمسا.
واعتبرت الهيئة أن هذه الحادثة تشكل خرقا جسيما، حيث تم توجيه الدعوة إلى الرئيس المدير العام بالنيابة لمؤسسة الإذاعة التونسية للاستماع إليه بخصوص حيثيات هذا الخرق، وبعد الاستماع إلى الرئيس المدير العام بالنيابة لمؤسسة الإذاعة التونسية بتاريخ 28 ماي 2020 تبيّن أن البرنامج المعني بالخرق، هو برنامج رمضاني موسمي.
وقد تأكد لدى الهيئة أنه تم فتح تحقيق صلب المؤسسة وعلى أساس ذلك تم نشر توضيح بالخصوص والاعتذار من المستمعين، وهو أمر ثمنته الهيئة.
كما شدّد الرئيس المدير العام على أن التحقيق متواصل لتحديد المسؤوليات وسيتم مد الهيئة بنتائجه واتخاذ اجراءات ادارية صارمة تجاه كل من ثبتت مسؤوليته المباشرة أو غير المباشرة في علاقة بهذه الحادثة.
وأكدت الهايكا أن ما يحدث صلب مؤسسة الإذاعة التونسية هو نتيجة تباطؤ الحكومة في ترشيح أسماء لخطة رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية واستمرار الرئيس المدير العام للتلفزة القيام بهذه المهمة بالنيابة منذ ما يزيد عن السنة الأمر الذي ساهم في مزيد تهميش الإذاعة التونسية التي تشتغل الآن في غياب عقد أهداف ووسائل ورؤية واضحة من شأنها التسريع في عملية الاصلاح.
وطالب الهيئة الحكومة بالتسريع في ترشيح أسماء شخصيات من ذوي الخبرة والكفاءة والاستقلالية لتولي مهمة رئيس مدير عام لمؤسسة الإذاعة التونسية وفقا لآلية الرأي المطابق ووفقا لعقد أهداف ووسائل يتم فيه تحديد الخطوط العريضة للشروع في عملية إصلاح المرفق الإعلامي العمومي.
كما دعت الهيئة الرئيس المدير العام بالنيابة لمؤسسة الإذاعة التونسية في انتظار ترشيح الحكومة لأسماء، لتولي هذه الخطة بالحرص على تكريس قواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها وتفعيل آليات التعديل الذاتي داخل الإذاعة اعتمادا على نفس التمشي الذي وقع اعتماده في عقد الأهداف والوسائل الخاص بمؤسسة التلفزة التونسية.
وشددت هيئة الاتصال السمعي البصري على أن مثل هذه الأخطاء تنذر بخطورة الوضع داخل المؤسسة وهو ما يستوجب الاستعجال في إعادة هيكلة المرفق الإعلامي العمومي بشكل عام، فالتركيبة الهجينة لهذا المرفق مثل الإبقاء على الإدارة كمجرد جهاز بيروقراطي موروث من العهد السابق، أو تركيبة مجالس إدارته المتكونة من أغلبية ممثلة للوزارات في غياب ممثلين عن المجتمع المدني لوضع مصلحة الجمهور كأولوية قصوى في العمل الإعلامي العمومي، كلها تشكل أرضية موضوعية لتنامي الأخطاء وفقدان هذا المرفق الآليات المستحدثة التي من شأنها تأصيل هويته المرجوة.
واعتبرت أن هذا الوضع الذي وصل إليه المرفق الإذاعي العمومي، دون إنكار المحطات الايجابية، مردّه عدم تفعيل آليات حوكمة فعالة ومن ضمنها تفعيل آليات التعديل الذاتي صلب المؤسسة وهو ما أثّر على جودة المادة الإعلامية المقدمة وأدى إلى حصول إخلالات خطيرة، علاوة على أن اعتماد خيار البث الموحد بين الإذاعات العمومية المركزية خلال الفترة السابقة، رغم تبريره من قبل الرئيس المدير العام بالنيابة بالأزمة الصحية التي شهدتها البلاد، أدى إلى طمس خصوصية هذه الإذاعات وتشتت المسؤوليات صلبها وهو خيار أكدت الهيئة على رفضها له باعتباره يؤدي إلى تنميط للرسالة الإعلامية ومس من تنوّع هويات الإذاعات العمومية.
وأكدتن الهيئة أن تعطّل عملية الاصلاح صلب المرفق الإعلامي العمومي سواء في مؤسستي التلفزة أو الإذاعة ساهم في تراجع أداء هذه المؤسسات خاصة من حيث حسن توظيف الموارد البشرية والقدرة على انتاج أو اقتناء مضامين ذات جودة عالية اضافة الى الغياب الفادح للإرادة السياسية في الإصلاح، كلها عناصر متشعبة تجعل الهيئة تعيد مطلبها الأساسي المتمثل في الدعوة إلى التسريع بفتح حوار وطني شامل حول الإعلام يكون من بين أولوياته فتح ملف إصلاح الإعلام العمومي وفق مبادئ أساسية أهمها ضمان حرية التعبير وتكريس استقلالية هذا المرفق حتى يتحول الى آلية أساسية في تكريس ثقافة التداول السلمي على السلطة.
وشددت الهايكا في ختام بلاغها، على ضرورة عدم استغلال هذا الخرق الجسيم للمس من اعتبار ووصم الصحفيين والصحفيات المنتمين للمرفق الإعلامي العمومي وتذكر بالدور المحوري والإيجابي الذي لعبه هذا المرفق أثناء مختلف المحطات الانتخابية، داعية جميع الصحفيات والصحفيين إلى التمسّك بدورهم الأساسي في صناعة المضامين من خلال اعتماد قواعد المهنة الصحفية وأخلاقياتها وتركيز آليات التعديل الذاتي ضمانا للارتقاء بجودتها.