مع اقتراب حلول السنة الهجرية الجديدة، تستعد العائلات بولاية نابل للاحتفال بهذه المناسبة بعادات وتقاليد تتفرّد وتتميز بها الجهة، حيث ازدانت شوارع أغلب المدن ومحلاتها بـ”عرائس السكر” وانتشر الباعة عارضين منتجاتهم بأشكال وأحجام متنوعة وألوان زاهية تبشر بالفرح والسرور.
ورغم النقص المسجل في التزوّد بالسكر خلال الفترة الأخيرة، فإن ذلك لم يثن الحرفيين عن صناعة العرائس لإحياء عادة توارثها اهالي الوطن القبلي عن أجدادهم لتصبح ميزة تختص بها العائلات “النابلية” التي تنتظر هذا الموعد للاحتفال من خلال إعداد عرائس السكر التي تشهد إقبالا من متساكني الجهة وزوّارها.
وتحدثت شهيدة بوفايز، وهي حرفية تعلّمت صناعة عروس السكر عن أبيها التي ورثها بدروه عن أبويه، عن الصعوبات التي اعترضت الحرفيين هذه السنة بسبب نقص التزود بالسكر، ما اضطرهم إلى التقليص في الإنتاج بنسبة 30 بالمائة على أقل تقدير، حيث التجأت إلى أفراد عائلتها وجيرانها لمساعدتها على تجميع كمية من السكر تمكّنها من مواصلة عملها وإحياء هذه العادة التي ينتظرها الكبار والصغار في هذا الموعد السنوي.
وأضافت، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، ان عملية الإعداد تتطلب توفير السكر والماء وروح الليمون ليطبخ هذا الخليط حتى ينضج ويكتسب لونا ناصع البياض فيوضع في قوالب ذات أحجام وأشكال مختلفة، ليتم في مرحلة ثانية تزيين العرائس بألوان مختلفة تستخرج من النباتات على أن يتم تغليفها بطبقة شفافة من رقائق الألمنيوم لحمايتها وتصبح بذلك جاهزة للعرض في المحلات والأسواق.
عبد القادر البيوض، أحد الباعة المنتصبين بالسوق، أشار إلى الحركية الكبيرة التي تعيشها الجهة قبيل رأس السنة الهجرية بفضل هذه العادات التي تدخل الفرحة والبهجة على القلوب، مضيفا أن للأطفال طريقتهم الخاصة للاحتفال من خلال إعداد “مثرد رأس السنة” وهو عبارة عن صحن من الفخار تتوسطه عروس السكر ويقع تزيينه بالفواكه الجافة والحلويات.
وأبرز أن عرائس السكر تتّخذ في الغالب هيئة أسد أو ديك أو حصان وهي الأشكال التي يقبل عليها الصبيان في حين تحبذ الفتيات شكل العروس، علما أن هذه الصناعة تطورت خلال السنوات الأخيرة وأفرزت تنوعا في الأشكال من سنة إلى أخرى بالإضافة إلى ظهور صناعة عرائس من الشوكولاته عوضا عن السكر.
وتحدث البيوض عن عادة أخرى وهي تقديم الشبان المقبلين على الزواج خلال هذه المناسبة “مثرد رأس السنة” كهدية لزوجة المستقبل، حيث يتم اختيار عروس سكر من الحجم الكبير وتزيينها لتقديمها في أبهى حلة.
وتصاحب الاحتفال بهذا العيد، تقاليد أخرى، وهو ما تؤكده فاطمة باباي، وهي سيدة تجاوزت الستين من العمر، والتي تقول إنه على خلاف الولايات الاخرى التي تعد طبق “الملوخية” لاستقبال عام هجري جديد، فإن العائلات “النابلية” تعد هذا الطبق آخر يوم من السنة المنقضية لتعد في اليوم الاول من السنة الجديدة طبق الكسكسي بالقديد (اللحم المجفف) الذي يعد بـ “الزعفران” و ماء الزهر “ليزين بالبيض المسلوق والحمص والفول والحلوى والفواكه الجافة.
وتواصل فاطمة حديثها والابتسامة مرتسمة على شفتيها عن تنوع عادات الاحتفال بهذه المناسبة التي توليها العائلات بالجهة أهمية على غرار بقية المناسبات وتسعد بقدومها.
هذا وتنظم جمعية صيانة مدينة نابل يومي 17 و18 جويلية الجاري مهرجان عرائس السكر في دورته الـ13 والذي يمثل في كل سنة فرصة لمزيد التعريف بهذه العادة المميزة وصيانة الموروث الثقافي بالجهة ومزيد التعريف به، حسب ما ذكره عضو جمعية صيانة مدينة نابل احمد بوحنك.
ويتضمن برنامج هذه الدورة، عديد الورشات المتنوعة من بينها المخصصة لصناعة عرائس السكر وصناعة الفخار وتحديدا “مثرد رأس السنة”، بالإضافة الى عروض مسرحية مخصصة للأطفال، لتؤثث سهرة الاختتام بعرض للأغاني الصوفية.
(وات)