تولت ثلة من الخبراء والفاعلين في المجال التربوي، خلال ندوة عقدها، الجمعة، المعهد العربي لحقوق الإنسان بالشراكة مع وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل بالعاصمة، تقديم جملة من التصورات والمقترحات من أجل ضبط مشروع عقد اجتماعي جديد للتربية والتعليم في تونس.
وأوضح رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبد الباسط بن حسن، في تصريح اعلامي على هامش هذه الندوة، أن هذا اللقاء يندرج ضمن سلسلة استشارات انطلقت في سنة 2021 حول العقد الاجتماعي الجديد للتربية والتعليم في تونس، مشيرا الى تنظيم سلسلة ورشات من أجل الوقوف على أهم التوجهات والمنهجيات لإعداد رؤية شاملة لتطوير التعليم في تونس، قصد إدراجها في العقد الاجتماعي الجديد.
وأكد العمل على تعزيز إدماج التربية على حقوق الإنسان ودعم البعد الحقوقي في المقاربات البيداغوجية وفي تسيير المؤسسات التربوية والتعليمية، ضمن هذا العقد.
ويشارك في ضبط العقد الاجتماعي الجديد للتربية والتعليم في تونس كل من وزارة التربية بصفتها الجهة الحكومية المشرفة على المشروع والمعهد العربي لحقوق الإنسان وباقي منظمات المجتمع المدني المعنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل، ومختلف المنظمات الدولية الداعمة للمشروع والمتمثلة في صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”.
ويلزم العقد الاجتماعي الجديد جميع المشاركين فيه بالعمل على تكوين رؤية مشتركة للغايات والمبادئ العامة للتربية والتعليم في تونس التي ترتكز أساسا على الشمولية والإنصاف والتعاون والتضامن والمسؤولية الجماعية، عبر وضع السياسات واتخاذ التدابير الكفيلة بتوفير برامج تعليمية ذات جودة متاحة للجميع ومتماشية مع السياق التونسي، حسب بن حسن.
وينص هذا العقد الاجتماعي على العمل على تعزيز التعليم باعتباره مكسبا مشتركا ومنفعة مشتركة وكجهد مجتمعي مشترك، لبناء مستقبل مستدام يسوده العدل والمساواة ويقوم بنيانه على العدالة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وبين رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان أن هذا العقد يرتكز على جملة من الأهداف الاستراتيجية التي تتمثل بالخصوص في ترشید منظومة التعليم وتحسين جودة التعلمات وتعزيز تنفيذ البرنامج الوطني لدمج الأطفال ذوي الاعاقة وتنفيذ الإستراتيجية الوطنية للنماء في مرحلة الطفولة المبكرة تنفيذاً فعالاً وإعلاء شأن منظومة التدريب المهني والتقني وترشيدها وتعزيز برامج التعليم والتكوين الموازية والبرنامج الوطني للتعليم مدى الحياة فضلا عن مزيد النهوض بدور المؤسسات التعليمية في نشر ثقافة الحريات وحقوق الإنسان.
ويقوم العقد الاجتماعي الجديد، وفق المتحدث ذاته، على جملة من المبادئ العامة والقيم التي تهدف الى ضمان الحق في التعليم الجيد مدى الحياة والحق في الوصول إلى المعارف المشتركة والمساهمة فيها، وفي الموارد الجماعية للمعرفة البشرية المتراكمة عبر الأجيال والتي تتغير باستمرار.
ومن جهته كشف مدير عام البرامج والتعليم المستمر بوزارة التربية رياض بوبكر، أنه سيتم العمل على توسيع الاستشارات من أجل ضبط النسخة النهائية للعقد الاجتماعي الجديد مع الحرص على تشريك الأطفال والشباب فيها، كما سيتم وضع جدول يتضمن جملة من الأنشطة الوطنية والجهوية ضمانا لأكبر قدر من المشاركة.
وبين أن النسخة نهائية للعقد الاجتماعي للتربية والتعليم في تونس ستكون بمثابة وثيقة رسمية يتم إعدادها والتشاور بشأنها بين وزارة التربية والمنظمات النقابية ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن التربوي.
وذكر بوبكر بأن قرار إعداد العقد الاجتماعي الجديد للتربية والتعليم في تونس جاء تفعيلا للتقرير الصادر في 10 نوفمبر 2021 عن الهيئة الدولية رفيعة المستوى المعنية بمستقبل التربية والتعليم، المحدثة بمبادرة من منظمة اليونسكو.
وبين أن هذا التقرير المنبثق عن المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو بعنوان “إعادة التفكير في مستقبلنا معا: عقد اجتماعي جديد للتعليم”، يدعو الحكومات والمؤسسات والمنظمات والمواطنين في جميع أنحاء العالم إلى صياغة عقد اجتماعي جديد للتعليم يساعد على بناء مستقبل يتسم بالسلم والعدالة والاستدامة معا ومن أجل الجميع.
ومن جهته أفاد الكاتب العام للنقابة العامة لمتفقدي المدارس الابتدائية بالاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الشمنقي أن لاتحاد الشغل منذ نشأته مساهمة فعالة في وضع جميع السياسات التربوية والتعليمية التي شهدتها البلاد عبر التاريخ، وفي هذا الاطار تتنزل مشاركته اليوم في مسار اعداد العقد الاجتماعي الجديد للتربية والتعليم في تونس.
وبين أن الاتحاد كان حاضرا ومشاركا في جميع الاستشارات الجهوية المتعلقة بضبط مشروع العقد الاجتماعي والتي انتظمت بكل من صفاقس خلال شهر جوان 2022، وشملت جميع ولايات الوسط، وبجربة في جويلية 2022 وشملت جميع ولايات الجنوب، مشيرا الى أن كل استشارة سجلت مشاركة أكثر من 120 من الفاعلين في القطاع التربوي من مختلف الأسلاك.
يذكر أنه شارك في هذه الندوة التي انتظمت بعنوان “من أجل عقد اجتماعي جديد للتربية والتّعليم في تونس في ضوء تقرير اللجنة الدولية حول مستقبل التربية والتعليم”، صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف”.