هل فقد شهر رمضان يفقد رونقه وبهجته؟

طوى شهر رمضان لهذه السنة أسبوعه الأول، ولاتزال تشكيات المواطنين جراء ارتفاع الأسعار وتدهور مقدرتهم الشرائية بوصلة العديدين في حديثهم وشكواهم من قلة ذات اليد، ما جعل هذا الشهر يفقد، حسب شهادات استقتها (وات)، ومنذ سنوات غير بعيدة ،خاصة خلال فترة جائحة كورونا وبعدها، جزءا من بريقه ورونقه المعتاد، وميزاته عن غيره من أشهر العام، وولّت معه عادات عدّة وتقاليد في هذا الاحتفاء بقدومه.

فترى خيرة وهي عاملة يومية في القطاع غير المنظم (45 سنة متزوجة وأم لستة أطفال) أن شهر رمضان زمن الحجر الصحي كان استثئنائيا وخلف تداعيات مالية لازالت تعاني منها إلى حد اليوم منها التداين وتدهور المقدرة الشرائية، وتضيف أكاد أكون حزينة عند استقبال الشهر، كنت آمل أن تتحسن الأوضاع الآخذة في التدهور يوما بعد آخر، الأمر الذي جعلها، حسب قولها، تصرف نظرا عن الاستعدادات القبلية للشهر ولا تعير الشهوات اهتماما، على اعتبار أنها تدرك أن مصاريف لا تقدر على مجابهتها في انتظارها.

تدهور المقدرة الشرائية وغلاء الأسعار، مثّلا أيضا هاجس ليلى(موظفة)، التي قدّرت أنهما زادا بعد ذروة انتشار جائحة كورونا (سنتي 2020 و2021)، مفسّرة أن ارتفاع كلفة الانتاج التي ترتبط أساسا بندرة المياه وتزايد أسعار المحروقات انعكس على أسعار الخضروات والغلال وهو ما أثر، خلال شهر رمضان، على تنوع مائدة الإفطار لدى المواطنين وجعل العديد منهم يعيشون خلاله حالة من التوتر والضغط النفسي، بنسق أكثر تواترا مقارنة بغيره من الأشهر، قائلة لم يعد لرمضان رونقه في السنوات الأخيرة .

الحديث عن الضغط النفسي والتوتر، ذهبت إليه أيضا خديجة وهي ربة منزل (65 سنة)،حيث بيّنت أن شهر رمضان لم يعد مثل السابق وطغى الضغط النفسي والتوتر على الناس واضمحلت العادات والتقاليد مضيفة كنا نشتمّ رائحة رمضان قبل حلوله بعدة أيام لكن مع ما خلفته كورونا في السنوات الماضية أفقده ذلك الرونق الجميل، أيام زمان كنا نتزاور وكنا نفرح بإعداد حلويات العيد لكنها أضحت مصدر قلق وتعب لاغير.

ومضى محمد وهو صاحب محل، في حديثه عن فقدان رونق شهر رمضان، أن هذا الشهر أصبح منذ سنة 2016 كسائر الشهور نلتزم فيه بالتعاليم الدينية لكن الوضع الاقتصادي أثر على المواطنين وهو ما ألاحظه عند اغلب الزبائن.

وفي قراءة نفسية لهذا الوضع فسّر الأخصائي النفسي، طارق السعيدي، في تصريح لـ(وات)، تزايد التوتر والضغط النفسي خلال شهر رمضان، بأن الانسان بطبعه يكره التغيير وأن تغير الوضعيات يجعله في وضعية غير مريحة، تترجم أحيانا بالعنف ونفاذ الصبر بسرعة، لافتا إلى أن مزاج الانسان يرتبط بهرمون الساعة من خلال إفراز الدوبامين وأن الأكل يساعد على تحسين المزاج فعند قطع الأكل أو مجرد التفكير فيه يتسبب في خلل في إفراز هذا الهرمون مما ينجر عنه صعوبات في التأقلم.

وأكّد أن المشاكل النفسية تفاقمت في المجتمع بعد الكورونا وهي مرتبطة بالحالة النفسية والواقع المعيشي خاصة الاقتصادي مفسّرا أن تدهور الوضع الاقتصادي يعكّر الحالة النفسية ويفقد معها شهر رمضان بهجته خاصة في صفوف الطبقة المتوسطة التي كانت مهيمنة لعقود واضمحلت في السنوات الأخيرة ما أثر على نفسية الأفراد.

وعن التداعيات النفسية لجائحة كورونا التي لازالت تسجّل حضورها في عديد دول العالم ومنها تونس، على المصابين وعلى العائلات التي فقدت ذويها، فأكّد السعيدي أن واحدا من ثلاثة مصابين بالفيروس يتطوّر لديهم على المدى الطّويل اضطرابات نفسية منها اضطراب القلق والاكتئاب وأن فقدان الأحبة جراء كورونا يخلف آثارا سلبية تجعل من شهر رمضان ليس كما في السابق وتغيب فيه البهجة عن العائلة.

من جهته، بيّن الأستاذ في علم الاجتماع، بلعيد أولاد عبد الله، لـ(وات)، أن تداعيات جائحة كورونا كانت على مرحلتين تمثّلت المرحلة الأولى في التشكيك بأمر الوباء ثم المرحلة الثانية التي أثرت على مختلف الشرائح الاجتماعية وأثارت نوعا من الهلع إلى جانب الظروف الاقتصادية والاجتماعية مما خلق هشاشة وإحباطا.

واعتبر ان جائحة كورونا تراجعت لكن تداعياتها لازالت قائمة وضيقت في الآفاق المستقبلية لدى الشباب وقد رافقتها أزمة اقتصادية جعلت من التونسي يعيش حياته اليومية يوما بيوم دون آفاق مستقبلية

وبيّن أن مجموعة من العوامل أسست لهذه الهشاشة أبعدت التونسي عن عاداته وتقاليده

(وات)

عن Radio RM FM

شاهد أيضاً

مزايا و عيوب كل وضعيات النوم

يقر الخبراء بأن أفضل وضعية للنوم هي الوضعية التي تجعل الشخص يشعر بالراحة، ولكن الطبيب …