حذّر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين من مغبّة تواصل تعطيل مرفق العدالة مبينا أن ممارسة الاضراب و ان كان حقا دستوريا يجب ان يتم في كنف القانون دون ان يؤدّي الى التوقف النهائي للمرفق العمومي وعن اسداء خدماته للمواطنين، دون احترام حقوق ومصالح الشركاء في إقامة العدل والتشاور و التنسيق معهم و مع باقي مكونات القضاء.
وأدان المجلس في بيان له مساء أمس منهج التعاطي مع الأزمة التي يعرفها مرفق العدالة والقائم، وفق تعبيره، على المماطلة و التسويف وفقدان الرؤية الاستراتيجية لاصلاح المنظومة القضائيّة و الاكتفاء بأسلوب إدارة اطفاء الحرائق والسقوط في الاعلان عن اجراءات جزئيّة عاجزة عن حلحلة أزمة يغلب عليها « طابع الشعبوية » و »الاخلال » بمبدأ المساواة بين المواطنين في الانتفاع بخدمات المرافق العمومية، مما جعل مرفق العدالة يتعطل عن القيام بدوره في حفظ الحقوق وضمان الحريات و تحقيق السلم الاجتماعي.
وذكّر المجلس بالإضراب المعلن عنه بمرفق العدالة والذي انطلق منذ 16 نوفمبر الجاري وكذلك بالوثائق المسرّبة للرئيس الأول لمحكمة التعقيب ووكيل الجمهورية السابق بتونس اضافة الى الاجراءات المعلنة من قبل رئاسة الحكومة في علاقة بمطالب القضاة بصفة احادية، وفق تعبيره، دون فتح حوار مع مكونات العدالة وما استتبعه من اعلان اعوان وزارة العدل عن الدخول في اعتصام مفتوح بمقرات المحاكم بداية من 24 نوفمبر الجاري .
وفي هذا الإطار حمّل مجلس الهيئة الحكومة وخاصة وزارة العدل و المجلس الأعلى للقضاء مسؤولية الوضع المتردي في المحاكم لفقدانها ابسط متطلبات العمل خاصة بعد تفشي فيروس كورونا، معبّرا في الآن نفسه استيائه من استقالة المجلس الاعلى للقضاء عن الإضطلاع بمهامه الدستورية في ضمان حسن سير مرفق العدالة وعدم التعامل بالجدية اللازمة للبحث في شبهات الفساد وعدم اتمامها على الوجه الاكمل في الابان، ان ثبتت، او كذلك مع التسريبات المتعلقة بشبهات التستّر على الضالعين في ملفات ارهابية طالت وكيل الجمهورية السابق بتونس وعدم اتخاذ اي اجراء في شأن الشّكايات المقدمة ضده سابقا .
وطالب في هذا الجانب المجلس الاعلى للقضاء والنيابة العمومية بفتح الابحاث اللازمة وكشف كامل الحقيقة وخاصة التغطية على متورطين في ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي وملف الشهيد شكري بلعيد خاصة وأنّهما ملفي اغتيال سياسي يهم التوصل فيهما الى جميع افراد الشعب التونسي والمحاماة التونسي بوصفها قائمة بالحق الشخصي مع ضمان حقوق الدفاع لجميع الأطراف.
وجدد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين الدعوة لفتح حوار عاجل وشامل ومعمّق تشارك فيه جميع مكونات الاسرة القضائيّة ومكونات المجتمع المدني المعنية باستقلال القضاء والحقوق و الحريات لضبط استراتيجية اصلاح مرفق العدالة واتخاذ الاجراءات العمليّة .
وأوضح أنّه سينظّم ندوة صحفية لكشف مخاطر شلل مرفق العدالة على الحقوق و الحريات ومخاطر الاستمرار في عدم الاستجابة لمطالب اصلاح الاوضاع وفي تأخير ايصال الحقوق لأصحابها .
ونبّه الى أنّه لن يقبل بهذا الشلل الذي يطال العمل بالمحاكم ولن يقبل السكوت عن ذلك مفوّضا لعميد المحامين الدعوة الى جلسة عامة خارقة للعادة لاتخاذ القرارات التصعيدية المناسبة.