أكد الصحفي الفلسطيني وائل الدحدوح، خلال لقاء جمعه الثلاثاء بالصحفيين التونسيين بمقر نقابتهم بالعاصمة، أن القضية العادلة لا تحتاج الى صحفي يحرّف ويزيّف ويهوّل، بقدر ما تتطلب الالتصاق بالقواعد المهنية في بلد محتل، من أجل الكشف عن كل انواع الجرائم التي يرتكبها المحتل ».
وائل الدحدوح، هذا الصحفي « رمز المقاومة » الذي نقل الأحداث والجرائم ساعة تلو الساعة تحت قصف الكيان المحتل، وبين الأشلاء المنتشرة في كل مكان ورائحة الموت المنبعثة في الأجواء، ليظل « معليش » منتصب القائمة ينقل المشهد ويطلع العالم على كل ما يحدث، ولتكون كل لحظة نقلا لمشاهد الموت وانتظارا أيضا للموت.
هذا الصحفي الباسل بسالة شعب برمته، طالته أيضا اليد الغادرة حيث قضت أسرته نحبها تحت قنابل قوات الاحتلال، لكن مهنته كصحفي جعلته صامدا ثابتا متشبثا بالمعنى الاعمق لمهنة الصحافة ، هذا ما عبر عنه وائل الدحدوح اليوم في وصفه للرسالة الحقيقية للصحفي.
كما صرح الدحدوح، بأن المطلوب من الصحفي الميداني في فلسطين تسليط الضوء على الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ويريد طمسها، قائلا « إن الصحفي هو العين التي ترى الاحداث وتنقلها رغم كل العراقيل ورغم الأوجاع والفواجع، وهو ما لا يريده الكيان المحتل ».
وأضاف انه بعد فقدان الأحبة « كان لزاما العودة الى عدسات الكاميرا لايصال الرسالة للمتلقين، ونقل الحرب بكل تفاصيلها، وابلاغ العالم أن غزة لا تزال صامدة، وأن صوت الصحفي لن يخرس وسيصدع عاليا بنفس المهنية »، مشبها العمل الصحفي في قطاع غزة وفي فلسطين بشكل عام بالعمل في حقل من الالغام.
وأكد الدحدوح، أن الصحافة تسمى بمهنة المتاعب، لكنها في قطاع غزة الذي لا يخلو من أحداث ساخنة وحروب تتحول إلى « مهنة الموت »، مذكرا باستشهاد 150 من الصحفيين والمصورين منذ بداية الحرب، دفعوا حياتهم فداء لهذه المهنة الانسانية والنبيلة.
ولاحظ أن قوات الاحتلال قد استهدفت الصحفيين « بشكل غير مسبوق » خلال الحرب على قطاع غزة، عبر استهداف أسرهم وفلذات أكبادهم « لقتلهم وجعا قبل قتلهم جسدا »، وفق تعبيره، قائلا « هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجهه الصحفيون لاجتياز الاختبار المهني بكل نجاح .. تحدي الانحياز لهذه المهنة الانسانية رغم كل الأوجاع ».
وأفاد بأن رقم الشهداء الصحفيين في غزة « رهيب وخطير » مقارنة بحرب الفيتنام التي استغرقت 20 سنة وقتل خلالها 70 صحفيا، بما يستدعي الحديث عن إيمان الصحفي برسالته وبمبادئ الصحافة السامية وبمدى ارتباطه بالقضايا الانسانية العادلة.
واعتبر أن مواصلة الصحفي الاضطلاع برسالته النبيلة وواجبه الوطني في كشف الحقائق ونقل المعلومة الآنية، في قمة وجع فقدان أفراد عائلته، ليس بالأمر السهل بتاتا، وهو نتاج تراكم الخبرات والتحلي بالعزيمة وقوة الشخصية وكذلك الرضا والإيمان بقضاء الله وقدره.
وأكد أن الصحافة اليوم تعني أساسا الانحياز كليا الى قضايا الناس وهموم المواطن في المجتمع العربي، مع التشبث بحرية الرأي والتعبير التي تندرج ضمن قاعدة « أن الحقوق تؤخذ ولا تمنح في غالب الأحيان »، ملاحظا انه رغم الآلام والأوجاع عمل الصحفيون الفلسطينيون ما بوسعهم من أجل « تأسيس النموذج المهني البديل والحقيقي الملتصق بالحقوق وبالقضايا الإنسانية بشكل حقيقي وليس بشكل مزيف »، على حد تعبيره.