دعا الاتحاد العام التونسي للشغل إثر اجتماع مكتبه التنفيذي، أمس الجمعة، الى مصارحة الشعب بما اتّفقت حوله الحكومة، وبصفة أحادية، مع صندوق النقد الدولي، معبرا عن رفضه المطلق لأيّ قرار ارتجالي يمسّ من الدعم أو يفرّط في المؤسّسات العمومية.
وانتقد، في بيان له، استمرار غموض سياسات الحكومة وتستّرها على اتفاقيّاتها مع صندوق النقد الدولي وتضارب التصريحات في ما بينها وخاصّة بعلاقة بملفّي الدعم والمؤسّسات العمومية.
وأكد استعداده التامّ لحوار تشاركي في هذين الملفّين يقضي بإصلاح عادل ومنصف ويحقّق الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية المرجوّة ويدفع إلى إنقاذ المؤسّسات العمومية واستعادة دورها الريادي كرافعة اقتصادية خاصة في غياب الاستثمار الخاص الداخلي والخارجي.
ونادى بالتصدّي لظاهرة “التهاب الأسعار” بعد أن لاحظ تدهورا كبيرا للمقدرة الشرائية للتونسيات والتونسيين مع ندرة غير مسبوقة لعدد من المواد الأساسية كالأغذية والأدوية وغيرها.
وطالب باتباع سياسة واضحة تستهدف تفكيك منظومة الاحتكار والتهريب والمضاربة غير المشروعة وتعمل على التعويض للمواطنين عن تدهور مقدرتهم الشرائية من خلال التدخّل المباشر للدولة لدعم الانتاج الفلاحي ومراجعة مسالك التوزيع والحدّ من تدخّل اللوبيات التي تتاجر بقوت الشعب وبأسباب معيشته.
ولاحظ ركودا كبيرا للاقتصاد وتقلّصا شديدا للاستثمار ونزوع عدد من المؤسّسات الأجنبية إلى الغلق والرحيل في اتجاه وجهات أخرى نتيجة عدم الاستقرار والتضييقات البيروقراطية والإدارية وغياب أيّ رؤية جاذبة للتمويلات والاستثمارات.
وعبّر عن مساندته للاحتجاجات السلمية ودعمه لكلّ التحرّكات الشعبية المدافعة عن قوت التونسيين ، محذرا الحكومة من مواصلة اتّباع السياسات اللاّشعبية التي تنذر بانفجارات اجتماعية كبيرة.
وطالب باتخاذ قرار سياسي عاجل يقضي بتسوية وضعية المعلّمين والأساتذة والقيّمين النوّاب والمتعاقدين ووقف الانتدابات بأشكال التشغيل الهشّ التي يرغب البعض في الإبقاء عليها تكريسا لتعليمات الضغط على كتلة الأجور وإذلالا للإطار التربوي واستغلاله واستنزافه، داعيا الى تخصيص خطوط تمويل عاجلة لإنقاذ المنظومة الصحّية ووقف تدهورها، إنقاذا لحياة الناس وتكريسا لحقّهم في العلاج والحياة.
واستعرض تدهور الوضع في قطاعات التعليم والصحّة والنقل وبلوغه حدّا اعتبره لم يعد ممكنا السكوت عنه، خاصّة مع تعطّل الدروس في العديد من المؤسّسات التربوية بسبب التفاف وزارة الإشراف ومن ورائها الحكومة على القوانين الناظمة للانتدابات والتعيينات وكذلك على الاتفاقات المبرمة مع الطرف الاجتماعي مع تواصل النقص الفادح في الموارد البشرية وتدهور الوضعية المادّية للإطار التعليمي والتربوي.
وأضاف أنه يتواصل بنفس الحدّة تدهور الخدمات في المستشفيات والمصحّات والمستوصفات لغياب الموارد وتراكم الديون ونقص الإطار وفقدان العديد من الأدوية إضافة إلى تخلّي الدولة تدريجيا عن دعم قطاع النقل ممّا يجعله عاجزا عن تقديم الخدمات الحيوية .
و طالب الحكومة بالإسراع بتطبيق الاتفاقيات المبرمة في ما تعلّق بتنفيذ اتفاق 06 فيفري 2021 كاملا غير منقوص ويجدّد مطالبته بإلغاء المنشور عدد 20 ويرفض التنقيح الصادر في المنشور عدد 21 والذي واصل تكريس سياسة التعنّت وضرب الحوار الاجتماعي وتعطيل الحقّ النقابي بما فيه الحقّ في المفاوضة الحرّة والطوعية.
وفي ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، لفت الى تنامي قوي لموجات الهجرة غير المنظّمة وما صاحب كثيرا منها من مآسي الغرق والفقدان وما خلّف من لوعة لدى الأهالي وأبرزها مأساة أبناء جرجيس المفقودين، داعيا الى توضيح سياسة الدولة في علاقة بالهجرة عموما والهجرة غير المنظّمة على وجه الخصوص حتّى لا تكون تونس منصّة خلفية وشرطيّا يحمي الحدود الجنوبية لأوروبا وموافقة على حملات الترحيل القسري للمهاجرين وملاذا للحرقة ولقوارب الموت وخزّانا لمواصلة نزيف هجرة النخبة.
واستنكر غياب الإرادة لحلّ الأزمة السياسية القائمة منذ أكثر من ثلاث سنوات واستمرار سياسة الهروب إلى الأمام والتفرّد بالقرار في علاقة بالتشريعات وبالملفّات الكبرى والتمشّي الحالي بخصوص الانتخابات المنتظرة، معتبرا انه لا يمكن أن يسهم في إيجاد الحلول الناجعة والدائمة لمجمل المشاكل المتراكمة وخاصّة بعد العشرية الأخيرة لكونها لم تأت وليدة تشاور سواء من حيث القانون والصيغ أو من حيث المواعيد والمآلات.
ودعا الى احترام الحقوق والحرّيات ووقف اللجوء إلى الحلول الأمنية وفتح حوار مجتمعي لمجابهة كلّ أشكال الانحراف والجريمة والفوضى.
واستنكر استمرار حملات التشويه والمغالطة ضدّ الاتحاد وقياداته بسبب مواقفه من القضايا المطروحة في البلاد وفي مقدّمتها رفضه لما تسرّب حول محتوى الاتّفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، واستعمال عناصر ووسائل لاستهداف الاتحاد.
وأكد مواقفه المبدئية الداعمة للقضية الفلسطينية ويندّد بتواصل الاعتداءات الصهيونية ضدّ أبناء شعبنا في فلسطين ويجدّد رفضه لكلّ أشكال التطبيع مع هذا الكيان الغاصب.