قال وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي، أمس الثلاثاء بالعاصمة، إن تونس تمكنت « رغم كل الظروف من تحقيق العديد من الاصلاحات الاجتماعية في إطار المقاربة المعتمدة لتحقيق العدالة والتماسك الاجتماعي والالتزام بكامل تعهداتها الدوليّة »
واوضح، خلال إشرافه على جلسة عمل مع المانحين والشركاء الماليين والفنيين لتونس في المجال الاجتماعي، أن السياسة الاجتماعية لتونس تستند إلى مفهوم الدولة الاجتماعية الراعية لكل الفئات على حدّ السواء مع إفراد ذوي الاحتياجات الخصوصيّة برعاية خاصة تضمن لهم المساواة والحماية من كل أشكال الإقصاء والتهميش »
وخصصت الجلسة للنظر في مشاريع التعاون الدولي (الثنائي ومتعدد الأطراف) المموّلة من الجهات المانحة والتي تشرف على إنجازها وزارة الشؤون الاجتماعية والهياكل الخاضعة لإشرافها لا سيما « برنامج التحويلات الماليــة لفائدة الأطفال المسجليــن ببرنامج الأمــان الاجتماعــي ».
وأكد الزاهي أن تونس انطلقت في معالجة أوضاع الفئات في وضعيّة الهشاشة والفئات الضعيفة بإرساء منظومة تعتمد مقاربة مقاومة الفقر متعدد الأبعاد من خلال إحداث برنامج « الأمان الاجتماعي » الّذي يستهدف أساسا الأسر المفقّرة ومحدودة الدخل وفق أنموذج متطور يعتمد نظام التنقيط والتقاطع البيني للمعطيات المتوفرة بقواعد البيانات الوطنيّة.
فقد تم اعتماد نظام التنقيط في إسناد التحويلات المالية الشهرية للعائلات الفقيرة رغم بعض التحفظات بخصوصه والتي تدعو الضرورة مراجعته في أسرع الآجال للرفع من ظروف عيش هذه الفئات وتأمين نفاذها إلى الخدمات الأساسيّة كالصحّة والتربية والتّعليم والتكوين المهني والتشغيل والسكن والنقل ولحمايتها من الارتداد إلى الفقر أو توارثه.
كما قامت الدولة بالترفيع الدولة في الميزانية المرصودة لهذا البرنامج من 0.4 % من الناتج المحلي الاجمالي سنة 2019 إلى حوالي نسبة 1 % سنة 2023.
وأكد وزير الشؤون الاجتماعية أن توجه تونس نحو الاستثمار في الرأس المال البشري من خلال تمكين الأطفال في سن من 0 الى 6 سنوات من منحة قدرها 30 دينارا شهريا تسند لأبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل من المسجلين ببرنامج الأمان الاجتماعي بواسطة قرض من البنك الدولي وقد بلغ عدد المستفيدين من الأطفال خلال شهر ديسمبر 2023 حوالي 156 ألف طفلا، مشيرا إلى تقنين هذه المنحة بقانون المالية لسنة 2022.
وبيّن الوزير أنّ نجاح التجربة الأولى لبرنامج التحويلات المالية بعنوان الأطفال وما حققته من نتائج على الأسرة والطفل وتحقيق توازنه الصحي والنفسي والاجتماعي وضمان عدم انقطاعه عن الدراسة، مثّل عنصر دفع لتعميم هذه المنحة لتشمل الأطفال في سن 6 الى 18 سنة من أبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل بمقتضى هبة من البنك الألماني للتنمية والوكالة الامريكية للتنمية الدولية وقد استفاد من هذا البرنامج خلال شهر ديسمبر 2023 حوالي 422 ألف طفل.
وفي ذات السياق أبرز الوزير أن تحسّن مؤشر التحويلات المالية بعنوان الأطفال من أبناء العائلات المفقّرة ومحدودة الدخل سيساهم في العمل مستقبلا على عدد من الملفات الهامة في إطار إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية، من ذلك إعادة النظر في المنح المسندة بعنوان أطفال منظوري الصناديق الاجتماعية وذلك في إطار توحيد مبلغ المنح المسندة بعنوان الأطفال من أبناء المساهمين وغير المساهمين.
كما سيتم العمل على إصلاح نظام جرايات العجز والشيخوخة والباقين بعد الوفاة والرفع من قيمتها لتساوي مقدار التحويلات المالية الشهرية بعنوان العائلات المفقّرة المسندة في إطار برنامج « الأمان الاجتماعي ». كما ستعمل الوزارة على إنجاز العديد من البرامج للحد من تأثير الفقر على الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للفئات ذات الأوضاع الهشة وخاصة من النساء والأشخاص ذوي الإعاقة وحاملي الشهائد، ولذلك ستعمل الوزارة على الرفع من التمويل المخصص لبرنامج التمكين الاقتصادي لتحقيق الأهداف المرسومة.
كما سيتم العمل على إحداث « مراكز التسويق الأمان » كفضاءات تجارية لتيسير عملية تسويق منتوجات العائلات المفقرة ومحدودة الدخل المستفيدة بتمويل مشاريع في إطار برنامج التمكين الاقتصادي من ناحية، ومنتوجات مراكز التربية المختصة للأشخاص ذوي الإعاقة من ناحية أخرى على أن يتم تشغيل أبناء هذه العائلات في « مراكز التسويق الأمان ».
وقد حضر الجلسة الى جاتنب اطارات الوزارة عدد من سفراء البلدان الشريكة (سويسرا والمانيا والولايات المتحدة واليابان وهولندا وفرنسا وايطاليا، والاتحاد الاورولي) وممثلو عدد من الهيئات المالية الدولية والمنظمة الاممية للطفولة اليونيسيف.