أودع 25 نائبا بمكتب الضبط المركزي بالبرلمان أمس الأربعاء، مقترح قانون يتعلّق بدعم استقلالية وسائل الإعلام، ينصّ على إحداث « صندوق دعم استقلالية وسائل الإعلام وجودة مضامينها »، وضبط شروط وطرق تدخّله.
ويهدف إحداث هذا الصندوق، وفق نص المبادرة، إلى المساهمة في الدعم المالي لانتاج مضامين صحفية ذات جودة بمختلف أصنافها، تستجيب لقواعد المهنة الصحفيّة وأخلاقياتها، وإلى الدعم المالي للأعمال الدرامية الوطنية والمشتركة، إضافة إلى دعم المشاريع التي تسعى إلى مواكبة التطوّر التكنولوجي والرقمنة وثقافة الدمج بين مختلف المحامل، إضافة إلى دعم استقلالية وسائل الإعلام ضمانا للجودة والشفافية، وضمانا للشروط الأساسية للاستقرار الإجتماعي بالمؤسسات الإعلامية.
ويتكوّن مجلس الصندوق، من رئيس يعيّنه رئيس الجمهوريّة، وممثلين عن وزارة المالية ووزراة الثقافة والهيئة التعديلية للقطاع السمعي البصري وعن معهد الصحافة وعلوم الإخبار، وعن الهيكل الأكثر تمثيلا للصحفيين التونسيين والهيكل الأكثر تمثيلا للتقنيين التونسيين، إضافة عن ممثل عن المؤسسات الإذاعية الخاصّة وعن الإذاعات الجمعياتية، شرط ان تتوفر فيهم الكفاءة والاختصاص وعدم تضارب المصالح.
كما نصّ على أن تتأتى مداخيل الصندوق من التمويل العمومي (يضبط بأمر بعد استشارة مجلس الصندوق)، واقتطاع نسبة مئويّة (4 بالمائة) من الإشهار العمومي والخاص في وسائل الإعلام السمعية البصريّة، ومن الهبات والمنح (تخضع لنظام الإعفاء الجزئي الضريبي أو الامتياز الجبائي)، ومن اشتراكات المؤسسات الإعلامية .
وتقترح المبادرة المتشريعية، إحداث مقر لمجلس الصندوق بتونس العاصمة، ويعتبر عنوانه المقر الاجتماعي والمقر المختار لكل المراسلات والايداعات. كما يحدث الصندوق موقعا الكترونيا يتضمن كل المعلومات الضرورية عن تركيبة المجلس وأعماله ومصادر تمويله وميزانيته والبلاغات والوثائق الصادرة عنه، وشروط التمتع بالدعم والمؤسسات المستفيدة.
ويشترط نص المبادرة في انعقاد المجلس، حضور ثلثي أعضائه ويتم اتخاذ قرارات مجلس الصندوق باعتماد التصويت بالأغلبية، وفي صورة تساوي الأصوات يتم ترجيح صوت رئيس مجلس الصندوق.
ويعلن المجلس سنويا خلال موفى شهر أفريل ميزانية الصندوق بمختلف مواردها (للسنة الموالية)، وينشر ميزانيته النهائية على موقعه، ويضبط مجالات ومعايير صرف الميزانية وإسناد الدعم، إضافة إلى نشر جداول تفصيلية على موقعه الإلكتروني تتعلق بوسائل الإعلام السمعية البصرية والبرامج المستفيدة من الدعم ومصادره.
ويتولى الصندوق وضع استراتيجيات لدعم استقلالية وسائل الاعلام، من خلال تطوير جودة المضامين الإعلامية بعيدا عن اكراهات الإشهار ومعايير تقييم المشاريع المقدمة، وتسند لمجلس الصندوق مهمة إعداد وانجاز ندوات ودراسات علمية تتعلق باستهلاك المادة السمعية والبصرية في ظل التطورات التكنولوجية واندماج المحامل المتنوعة، إضافة إلى مهمة تحديد استراتيجيات قصيرة ومتوسطة المدى حول المشاريع والبرامج السمعية البصرية.
كما يتولى مجلس الصندوق، وفق مقترح القانون، وضع دليل إجراءات يحدد فيه تركيبة ومهام اللجان الفرعية التي ستتولى بدورها وضع المقاييس المتعلقة بالمشاريع، والتزامات المستفيد من الدعم ومعايير التقييم في متابعة الإنجاز، إضافة إلى ضبط منهجية دراسة الملفات والمشاريع المعروضة للحصول على الدعم.
يشار إلى أنّ النواب الذين أودعوا المبادرة ينتمون إلى مختلف الكتل، ويتوزّعون بين 10 نواب عن كتلة الوطنيّة المستقلّة و 8 نواب من غير المنتمين، و 3 نواب عن كتلة صوت الجمهوريّة، الى جانب نائبين عن كتلة الأحرار ونائبين عن كتلة الخط الوطني السيادي.
وجاء في وثيقة شرح الأسباب للنواب الذين تقدّموا بالمبادرة، أنّ تشخيص الواقع الراهن للمشهد السمعي البصري، يحيل إلى عدم تناسب بين عدد وسائل الإعلام والحجم الإجمالي لسوق الإشهار الذي لا يتجاوز 130 مليون دينار خلال سنة 2022، مبيّنين وجود « خلل » فتح الباب أمام تنافس « شرس » من أجل الظفر بجزء من سوق الإشهار، وتسبّب في بروز عديد الظواهر والممارسات السلبية التي كان من ضحاياها المضمون الصحفي الجيد.
وأكّدوا أنّ هذا المشروع، يهدف إلى تصحيح المسار الإعلامي، من خلال دعمه ماليا دون التدخل في خياراته التحريرية أو المس من استقلالية مؤسساته، مبيّنين أنّ انخراط الدولة في هذا المشروع، هو بداية تشكيل لرؤية سياسية حول الإعلام قوامها المصلحة العامة والعمل المشترك.
كما اعتبروا أنّ انخراط المؤسسات الإعلامية في هذا الصندوق والإسهام في تمويله، إنما هو اعتراف بمسؤوليتها الاجتماعية ومحاولة لتجاوز الأزمة الراهنة، من أجل التفرغ للتحديات الكبرى وعلى رأسها مسألة الرقمنة.