سيكون يوم 19 جانفي 2018 يوما استثنائيا في تاريخ مدينة قرطاج الشاهقة بتاريخها وتنوع الحضارات على أرضها، يوم اختارته وزارة الشؤون الثقافية بالتعاون مع الإدارة العامة للتراث ليكون نقطة مضيئة في حاضر ومستقبل هذه المنطقة التي ستشهد ميلاد مشروع ضخم للتثمين وإعادة التأهيل هناك في متحف قرطاج وفي المناطق المحيطة بهذا الصرح الأثري المصنّف في لائحة التراث العالمي لليونسكو.
يوم مفتوح لاكتشاف تشكيلة جديدة من القطع الأثرية التي تركتها الحضارة الإترورية في تونس ، وأكثر من 200 قطعة أثرية ستكون موضوع يوم استطلاعي واستكشافي لهذا العالم المكتظّ بالاختلاف والتميّز.
مرّ الإتروريون من تونس وتركوا فيها عالما من المقطوعات والآثار التي ستجمّع للمرّة الأولى في معرض سيفتتح للغرض في هذا اليوم : 19 جانفي 2018.
وللتذكير فإنّ أصل “الأتروسكان” أو الإتروريون ( Eutrusca) من آسيا ، نزحوا إلى إقليم “توسكاني” بشمال ووسط إيطاليا خلال عام 1000 قبل الميلاد ، وشيّدوا لهم مقابر تشبه مقابر الشرق وقد بلغوا أوج قوتهم سنة 500 قبل الميلاد ، إلاّ أن القرطاجيين هزموهم عام 474 قبل الميلاد.
اشتهروا بصناعة الفخار والقطع البرونزية وقد تأثرت حضارتهم بالإغريق إلا أنهم تفوقوا عليها في المعمار وصناعة التماثيل. توسعوا فيما بين نهري “أرنو” و”تيبر” وبحر “تيران” (أدرياتيك) لاستغلال مناجم الفضة والحديد والنحاس،كما استولوا على روما وسهل لومباردي وعمروها وأقاموا فوق تل “الكابيتول” معبد الإله زيوس .
وقد تميزت حضارة الأتروسكان بإقامة الأسوار حول المدن والقباب في المباني والتماثيل الكبيرة في شكل حيوانات وبشر ، وعرفوا بشكل خاص بالنحت والفخار وصناعة الحلي بدقة متناهية سواء من الذهب أو النحاس أو البرونز .
وقد تشكّلت المدن الإترورية (أو الإتروسكانية) على هيئة دويلات مستقلة تدافع ذاتيا عن نفسها .
وسيكون الحفل في قرطاج بمثابة الإطلاق الرسمي لسلسلة هامة من مشاريع التثمين وإعادة التهيئة التي سيشهدها الموقع الأثري بقرطاج في الشهور القليلة القادمة وانطلاقا من يوم افتتاح الواجهة المتحفية الجديدة الخاصة ببعض ملامح الحضارة الأترورية التي مرّت من هذه الأرض وتركت آثارها غلى اليوم.
ستوظّف التكنولوجيا من خلال تقنية العرض الضوئي الحائطي (mapping) يوم الافتتاح الرسمي لتنشيط مدخل القاعة عبر صور ثلاثية الأبعاد تسرد بصدق محتوى المعرض ومن زوايا مشهدية مختلفة.
كما ستشهد المدينة -أياما قبل يوم الافتتاح-إطلاق مجموعة من الومضات الاستباقية (Tising) التي ستنعكس على المباني وبعض المواقع الكبرى لتطرح التساؤلات لدى عامة الناس والمارّين.
وفيما يخص القطع الأثرية التي ستعرض فهي منقسمة إلى أوان ومصنوعات من العاج والبرونز والفخار ، إلى جانب عدد من القطع المنزلية المصنوعة من الخزف الأسود اللامعوالذي يعرف باسم “بوكيرو نيرو” (Bucchero Nero) والتي تنقسم إلى أشكال منها ما يتخذ من الدقّة في الصنع عنوانه للتميّز والخلود.
سيعلن في اليوم نفسه عن سلسلة من المشاريع المستقبلية التي ستشمل مناطق أثرية أخرى في الجهة وإنشاء متحف اثري جديد ذو أبعاد تعليمية وتفاعلية.
وسيحلّ بيننا بالمناسبة الأستاذ والباحث الفرنسي المختص في الحضارة الأترورية السيد “جون غران أيميريش” الذي سيقدّم محاضرة يستعرض من خلالها تاريخ قرطاج والأتروريين، وستكون المناسبة هامة لطرح التساؤلات حول تفاصيل ومعلومات دقيقة حول هذا التاريخ المشترك بين تونس والأتروريين.
بلاغات