تمت المصادقة على قرار « تحسين مستوى شفافية أسواق الأدوية واللقاحات والمنتجات الأخرى المتعلقة بالصحة الثلاثاء 28 ماي 2019 في آخر أيام الجمعية العالمية للصحة المنعقدة في جنيف حيث شاركت تونس في فعاليات هذه الجمعية وساهمت في أشغالها وكانت من المساندين لمبدأ الشفافية في قطاع الأدوية.
ويقرّ هذا القرار بأهمية نشر الأسعار الفعليّة للأدوية التي تعتمدها الدول والمخابر العالمية كوسيلة للحدّ من ارتفاع الأسعار بطريقة مشطّة. فحسب العديد من المشاركين في أشغال الجمعية العالمية، تتكبد الدول الضعيفة ومتوسطة الدخل عناء دفع كلفة أعلى في معدلها من مثيلتها لدى الدول الغنية.
يعود هذا التفاوت بالأساس إلى سرية الأسعار التي تم الاتفاق عليها، حيث تتفاوض المخابر الدوائية مع كل دولة على حدة، بدون أن تصرّح لها بالأسعار التي تمّ اعتمادها مع دول أخرى.
نادى هذا القرار في صيغته الأولى بشفافية أسعار الأدوية فضلا عن شفافية كلفة الانتاج والتجارب السريرية (essais cliniques) التي تبالغ المخابر في تسعيرتها لتبرير أسعار أدويتها العالية.
ولا يعد هذا القرار ملزما للدول بشكل مبدئي، ولكن لكل دولة إمكانية الاستئناس به في إطار تعديل قوانينها أو طريقة المفاوضات مع المخابر الدولية.
ويشار إلى أن البلدان التي بادرت بهذا القرار هي إيطاليا واليونان ومصر وماليزيا والبرتغال وصربيا وسلوفينيا وجنوب أفريقيا وإسبانيا وتركيا وأوغندا. والشيء الذي يلفت الانتباه هو بروز دول من الاتحاد أوروبي في الصفوف الأولى للدول المناهضة لسريّة التسعير. في حين تتصدّر دول أخرى من الاتحاد ذاته، كألمانيا والمجر والمملكة المتحدة صفّ الدول التي لم تمض على القرار والتي تناهض مبدأ شفافية تسعير الأدوية لاعتبارها هذا المبدأ بمثابة حاجز للابتكار.
وفي المقابل يتّحد صوت الاتحاد الأوروبي وتختفي الخلافات داخله في إطار اتفاقية التبادل الحر والشامل والمعمق التي تناقش حاليا بين تونس والاتحاد الأوروبي.
وقد تمّ انتقاد هذا الاتفاق من طرف المهنيين الصيادلة والمصنّعين للأدوية التونسيين نظرا لتضمنه « مبدأ سرية الأعمال » أو secret des affaires التي تمنع المصنعين المحليين من النفاذ لنتائج التجارب السريرية مثلا. مما يعد مفارقة جليّة وبعيدة كل البعد عن روح النقاشات الدائرة حاليا في منظمة الصحة العالمية