اعتبرت منظمة “أنا يقظ” أن بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس الاسبق بن علي هو أحد أبرز الأسماء الضالعة في الفساد المالي والإداري اللذين خيّما على تونس قبل الثورة وأنه كدّس ثروة طائلة عبر الاستيلاء على شركات عمومية ونهب مئات الهكتارات من العقارات والحصول على قروض ميسّرة وغير قانونية، فضلا عن دوره اللافت في محاولة السيطرة على التلفزة التونسية للاستفادة من عائدات اشهارية بالمليارات مستغلا شراكته مع الاعلامي سامي الفهري في مؤسسة Cactus Prod.
كما أشارت أنا يقظ إلى أن الطرابلسي من أكثر الأسماء التي ورد ذكرها في لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد نظرا لضلوعه في نهب خزينة الدولة وتطويع مؤسساتها لفائدته وشركائه كما كشفت عن الجرائم التي ارتكبها هذا الأخير، وفي ما يلي البعض منها:
التفويت في عقارات خليج الملائكة بسوسة
تفيد المعطيات المتعلقة بملف خليج الملائكة، وفق ما جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد ان شركة Alpha International التي تم تغيير تسميتها التجارية الى Stremar والتي يملك أسهمها كل من بلحسن الطرابلسي وحمادي الطويل اقتنت مجموعة من العقارات ذات صبغة فلاحية بمنطقة القنطاوي في حمام سوسة، تمسح في مجملها حوالي 35 هكتار بثمن قدره 3.5 مليون دينار وذلك أواخر سنة 2003.
وقد تم تمويل اقتناء هذه العقارات بقرض من بنك الإسكان تم اسناده بقرار مباشر من الرئيس المدير العام السابق مباشرة (ب.ح.ع.ن) ودون الحصول على موافقة لجنة القروض.
وقد جاء اسناد هذا القرض مخالفا للنظام الأساسي لبنك الإسكان الذي ينص على ان هذا البنك يموّل العمليات العقارية التي تكون بغاية إقامة المشاريع السكنية ولا يتولى تمويل اقتناء الأراضي ذات الصبغة الفلاحية. اثر اقتناء هذا العقار صدر في 13 افريل 2004 الامر عدد 953 القاضي بتغيير صبغة العقار من ارض فلاحية الى ارض صالحة للبناء. اثر ذلك فوّت الشريكان (ب.ط) و(ح.ط) في كافة أسهمها في شركة Stremar الى صاحب مقاولات يدعى (ه.ح.ع) وذلك بثمن قدره 30 مليون دينار. وقد اقتنى (ه.ح) هذه الشركة ليستغل العقار في إقامة مشروع سكني (خليج الملائكة). وقامت شركته باستيعاب شركة Stremar بالادماج
تجدر الإشارة الى ان محامي (ه.ح) قد افاد ان منوبه وعند اقتنائه شركة Stremar وجد ان لها التزاما تجاه شركة Texim للتفويت لها في قرابة 13 ألف متر مربع. وقد تبين فيما بعد لمنوبه انها على ملك الرئيس الفار بن علي الذي اقام عليها قصرا.
تغيير صبغة عقارات سياحية بالحمامات
نتج عن هذه العملية تحقيق ارباح كبيرة من قبل اقارب الرئيس السابق الى جانب الاخلالات التي شابت عمليات تغيير صبغة الاراضي موضوع التقرير والتي تولاها رئيس بلدية الحمامات السابق (ع.ب)والمدير الجهوي للتجهيز السابق (ص. م) بعد استشارة وزير السياحة (خ.ع) في عدم تقيد رئيس بلدية الحمامات بالاجراءات القانونية في مادة التهيئة العمرانية لمدينة الحمامات قبل احالته للمصادقة. وقد عمد رئيس البلدية الى تغيير صبغة عقار تابع لشركة نهرواس وذلك بالرغم من انه سبق للمجلس البلدي ان صادق على مثال التهيئة الى جانب قبول اعتراضات الاستقصاء والاعتراضات الصادرة عن البعض من المقربين من الرئيس السابق (ب. ط). من ناحية اخرى ساهم المدير الجهوي للتجهيز مع رئيس بلدية الحمامات في المصادقة على محضر جلسة المجلس البلدي غير القانوني الخاص بمراجعة مثال التهيئة العمرانية لبلدية الحمامات. كما قام بالترخيص للمدعو(ب,ط) ببناء طابق رابع في حين ان المجلس رخص له في بناء ثلاث طوابق فقط وخلافا بما ورد في تقرير التفقد فان وزير السياحة تولى اعطاء رأي بالموافقة على تغيير صبغة أرض تابعة لصهر بن علي (ص. م) بناء على تعليمات كتابية من رئيس الجمهورية بتاريخ اوت 2009 كما ان الوزير قدم رأيا يقضي بتغيير صبغة ارض مجاورة لنزل نهراوس والابقاء على طابعها السكني بناء على مطلب تقدم به شريك (ب. ط)المدعو (ح .ط) باعتبار ان مصلحة كل منهما كانت تقتضي الابقاء على الطابع السكني .و قد نتج عن كل هذه الاخلالات تحقيق أفراد الرئيس السابق أرباح كبيرة بعنوان قيمة زائدة بقيمة زائدة بلغت:
– 4,508 مليون دينار بالنسبة ل(ص .م) عند بيعه لقطعة ارض اقتناها بمليوني دينار و باعها بعد تغيير صبغتها بمبلغ 6,508مليون دينار
– 600 الف دينار بالنسبة الى (ب .ط) و شريكه (ح .ط) عند بيعهما لقطعة ارض اقتنياها ﺒـﻤﺒﻠﻎ 1.6 مليون دينار و باعها بمبلغ 2,2 مليون دينار
الاستيلاء على شركة اوتو تراكتور
كانت الدولة تمتلك بصفة مباشرة 99,97% من رأس مال شركة البنيان وكانت هذه الاخيرة تمتلك بدورها في بداية سنة 2001 ما لا يقل عن 99,66 % من راس مال شركة اوتو تراكتور. وكانت الدولة في البداية هي الوكيل الرسمي لعلامة فورد بتونس وتمارس نشاط بيع العربات التابعة لهذه العلامة. في 11 سبتمبر 1997 قررت لجنة التطهير واعادة هيكلة المنشآت العمومية التفويت في مساهمة شركة البنيان “تراكتور أوتو” وذلك باعتماد طلب عروض وعلى أساس كراس شروط ينص خاصة على أهم شروط الوكالة مع علامة فورد.
وتبين من خلال مراسلة موجهة من وزير التنمية الاقتصادية الى وزير التجارة مؤرخة في 3 أكتوبر 2000 مماطلة شركة اوتو تراكتور في استكمال المعطيات المطلوبة رغم تاكد الموضوع وعقد عدد من الجلسات الوزارية حول عملية التخصيص.
وأفاد الرئيس المدير العام لشركة البنيان آنذاك (ط.ب) للجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد بانه علم بوقوع اتفاق بين الشركة الام وشركة محدثة من قبل (ب.ط) و(ح.ط)، سمياها “الفا فورد” بسحب وكالة علامة فورد بتونس من شركة “اوتو تراكتور” لاسنادها لشركتهم وذلك اثناء الإعلان عن طلب عروض للتفويت في شركة “اوتو تراكتور”. ويؤكد (ط.ب) ان الاتفاق المذكور حصل خلال اجتماع عقد بمدينة دبي وضم كلا من الرئيس المدير العام السابق لشركة اوتو تراكتور المدعو (م.ع) و(ب.ط) وممثلا عن فورد الدولية.
وتبين من خلال مذكرة مؤرخة في 1 اوت 2002 ان رئيس الدولة قرر الترخيص لمؤسسة “الفا فورد” في تركيب الشاحنات الجديدة واسنادها الرخصة لتمثيل فورد بتونس وإقرار تصفية شركة “اوتو تراكتور”
وفي نفس السياق قرر رئيس الدولة الأسبق بن علي تمكين “الفا فورد” من تركيز مصنع للشاحنات الخفيفة وحرمان شركة “تاتا” الهندية من ذلك.
كما يتبين من خلال مراسلة موجّهة من كاتب الدولة الأسبق المكلف بالتخصيص (ه.م) الى المستشار الاقتصادي الأسبق للرئيس منجي صفرة انه تم السماح لشركة” الفا فورد” وذلك بسعر 138 الف دينار وهو مبلغ يقل عن الكلفة المسجلة للقطع المعنية وهي 980 الف دينار. وقد تمت تصفية شركة “اوتو تراكوتور”وطرد 50 عاملا من اجمالي 61 كانوا يعملون بها.
تجدر الإشارة الى ان حصة علامة “فورد” لتوريد السيارات لم تكن تتجاوز خلال سنة 2001 (ممثلة في “اوتو تراكتور”) 118 عربة أي ما يعادل 1 بالمائة من مجمل الحصص الممنوحة لوكلاء السيارات لترتفع عند اسناد العلامة للشركة التابعة ل(ب.ط) و(ح.ط) الى 1526 سيارة خلال 2003 أي 6.2 بالمائة من مجمل السيارات التي تباع في السوق التونسية ليتواصل الارتفاع سنويا الى 3970 سيارة سنة 2010 اي ما يعادل 9 بالمائة. ويتبين من خلال الوثائق ان رئيس الجمهورية كان يقرر بنفسه حصص السيارات المسندة للوكلاء المعتمدين. وقد تدخل في هذا الإطار لترفيع الحصة من السيارات السياحية لالفا فورد خلال سنة 2009 من 2100 الى 2200 سيارة. ويتأكد من خلال ما سبق ان عملية تصفية “اوتو تراكتور” بعد سحب علامة فورد منها واسناده الى “الفا فورد” وترفيع نصيبها في سوق السيارات بتونس بعد دخول صهره كشريك يؤكد استغلال الرئيس الأسبق لمنصبه لتحقيق منافع غير شرعية.
المساهمة في السطو على شركة Tunisair في الاتحاد الدولي للبنوك
في مفتتح سنة 2009 كانت شركة الخطوط التونسية Tunisair تمتلك 11،56 % من رأس مال الاتحاد الدولي للبنوك. وقد كانت الشركة قد تقدمت منذ 31 أوت 2007 بمقترح لسلطة الاشراف للتفويت في الأسهم المذكورة دون ان يحظى المقترح بالقبول. وخلال سنة 2009 طلب الرئيس السابق للجمهورية من الشركة اقتناء طائرة رئاسية جديدة بصورة تتجاوز القدرات المالية المتوفرة لدى الشركة.
وقد أفاد المدير العام للشركة (ش.ن.) للجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة بأنه تقدم بملف للحصول على التمويلات الضرورية لإتمام عملية إقتناء الطائرة. وفي هذا الإطار اقترح عليه المستشار السابق لدى رئيس الجمهورية التقدم بملف قصد التفويت في مساهمة الشركة في الإتحاد الدولي للبنوك قصد تمويل جزء من كلفة الطائرة المزمع اقتناؤها وهو ما قام به في 28 جويلية 2009.
وتبعا لطلب شركة الخطوط التونسية وموافقة مصالح الإدارة العامة للتخصيص وافقت لجنة التطهير بإعادة هيكلة المنشآت ذات المساهمات العمومية خلال اجتماعها المنعقد يوم 30 جويلية 2009 على التفويت في كامل مساهمة شركة الخطوط التونسية في رأس مال الاتحاد الدولي للبنوك.
وتشير الملاحظات المدونة بخط المستشار الاقتصادي للرئيس السابق منجي صفرة والتي عثرت عليها اللجنة بمقر رئاسة الجمهورية على نسختين من مذكرة أعدتها الإدارة العامة للتخصيص حول العملية إلى اهتمام مصالح الرئاسة بالموضوع وتنسيق المستشار المذكور خلال مختلف مراحل العملية. وفي مرحلة أولى تم التفويت في المساهمة لفائدة ثلاثة اطراف وهي شركة SPI وأصهار الرئيس (أ.م.) وبلحسن الطرابلسي بسعر أقل من السعر المعمول به في البورصة خلال يوم البيع. وفي مرحلة ثانية وقع الاتصال بعدد من المستثمرين المحليين من بينهم رئيس مجمع (م.م) لحثهم على شراء المساهمة المذكورة من عائلة الرئيس. وقد أفاد المدير العام المساعد لشركة الوساطة في البورصة “ماك” (ش.م) بأن المستشار الاقتصادي للرئيس السابق (م.ص) قد اتصل به وأعلمه بأن الخطوط الجوية التونسية ستبيع أسهمها وأن شركة اسمها SPI وصهر الرئيس الفار بلحسن الطرابلسي سيقومان بشراء تلك الأسهم.
وقد تبين في هذا الخصوص أن البنك العربي لتونس قد قدم تمويلا كاملا للعملية بقيمة حوالي 32 مليون دينار وذلك دون الحصول على ضمانات وبصورة تشير إلى الضغوطات التي تمت للغرض.
وباعتماد هذا التمويل فوّتت شركة الخطوط الجوية التونسية بتاريخ 17 أوت 2009 في 2.264.988 سهما للاتحاد الدولي للبنوك بسعر 14.5 دينار للسهم الواحد وذلك بحساب:
975 سهما لشركة SPI المملوكة لكل من ابن وابنة الرئيس الفار بن علي
750 سهما للمدعو بلحسن الطرابلسي
263 سهما للمدعو حمادي الطويل
وتمت عملية البيع بسعر يقل ب5.5 % عن سعر التداول لسهم الإتحاد الدولي للبنوك بالبورصة خلال يوم 17 أوت 2009 والبالغ 15.3 دينار للسهم الواحد. وخلال الفترة المتراوحة بين 27 أوت و11 سبتمبر 2009 قام المعنيون بالتفويت في مجمل الأسهم التي بحوزتهم بأسعار تراوحت بين 17.3 و17.6 دينار للسهم الواحد.
الحصول على منافع دون وجه حق على حساب التلفزة الوطنية
دققت لجنة تقصي الحقائق حول الرشوة والفساد والتي ترأسها المرحوم عبد الفتاح عمر في بعض أوجه التصرف بالوكالة الوطنية للإنتاج السمعي البصري وخاصة المتعلقة بالعقود المبرمة مع شركة الإنتاج Cactus Prod التي يملك حصصها كل من سامي الفهري بنسبة 49 بالمائة وبلحسن الطرابلسي بنسبة 51 بالمائة.
وقد تعاقد المشرفون على مؤسستي الوكالة الوطنية للنهوض بالقطاع السمعي البصري والتلفزة الوطنية مباشرة مع Cactus Prod دون الالتزام بالقواعد المنظمة للصفقات العمومية الواردة في الامر عدد 3158 لسنة 2002 المؤرخ في 17 ديسمبر 2002 المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
اذ لم يتم عرض العقود المبرمة مع “كاكتوس برود” على انظار اللجنة الوطنية للصفقات العمومية بصفة مسبقة، بل تم عرضها عليها بصفة لاحقة على سبيل التسوية.وخلافا لما هو معمول به بالنسبة لبقية الشركات التي تتعاقد مع التلفزة التونسية بالتفاوض حول الاثمان المعروضة، لم يشهد التعاقد مع كاكتوس أي تفاوض رغم ارتفاع اثمانها مقارنة ببقية شركات الإنتاج.
من جهة أخرى، اقتنت مؤسسة التلفزة التونسية برنامج بعنوان “إحنا هكة” في 2008 من “كاكتوس” مقابل مبلغ مالي قدره 6.3 مليون وهو مبلغ مشط جدا بالنظر لمحتواه الذي لم يمكن من الحصول على عقود اشهار سوى بقيمة 1 مليون دينار. وقد ظلت مؤسسة التلفزة التونسية تدفع ثمن هذا البرنامج لشركة الإنتاج الى حدود 2010. كما قامت مؤسسة التلفزة التونسية ببث برامج انتجاتها “كاكتوس”دون أي عقود.
وانطلاقا من 2006 بدأت الوكالة الوطنية للإنتاج السمعي البصري ومن بعدها التلفزة التونسية بالتعاقد مع هذه الشركة المنتجة بصيغة المقايضة حيث لا تقوم التلفزة بدفع ثمن الإنتاج بل تمكن الشركة المنتجة من مساحات بث مقابل ثمن يتم الاتفاق عليه. ثم تتولى الشركة بيع هذه المساحة الى المستشهرين لاستخلاص العائدات لمصلحته.